الرئيسيةنصائح عامةكيف تحقق نتائج أكبر بمجهود أقل

حينما يتعلق الأمر بالإنتاجية، توجد قضية تُناقَش أكثر من غيرها، وهي الاعتقاد أنَّ بذل مزيد من الجهود في أثناء العمل يُعَدُّ أمراً جيداً، في حين يُعَدُّ بذل جهود أقل أمراً سيئاً؛ بيد أنَّ المسألة أعقد من مجرد الحكم على الكفاءة اعتماداً على حجم العمل الذي يؤديه شخص أو منظمة ما.

يعني مبدأ “الأقل يعني الأكثر” في العمل أن تبذل جهوداً أقل لتحصيل نتائج أفضل؛ وفي إمكاننا تطبيق الفكرة نفسها على مفهوم الإنتاجية، حيث يمكننا استثمار مهاراتنا ومعلوماتنا وإبداعاتنا لإنجاز كمٍّ كبير من العمل من خلال بذل مجهود أقل وتقديم نتائج أفضل.

إليك فيما يأتي 10 مواقف يعطي فيها بذل جهود أقل نتائج أفضل:

  1. كلما قَصُرَت الرسالة الإلكترونية، ازدادت فاعليتها:

حينما تكتب رسالة إلكترونية طولها ثلاثة مقاطع، ستكون رسالتك آخر رسالة يقرؤها المتلقون، هذا إذا قرؤوها أساساً؛ إذ لا يرغب أحد في قراءة رسالة إلكترونية طويلة، ولن يُقرَأ على الأرجح إلَّا المقطع الأول منها لتحديد ما إذا كانت الرسالة عاجلة، ومن غير المحتمل أن يتابع المتلقون القراءة في حال لم تكن كذلك.

لذا إذا أردت أن تُقرَأ رسائلك الإلكترونية، وأن يُرَدَّ عليها بسرعة، قلِّل عدد كلماتها؛ وستتلقى في هذه الحالة ردوداً أسرع، وتُنجِز المزيد في أقل وقت ممكن.

  • كلما قَلَّ عدد الرسائل الإلكترونية التي تكتبها، قَلَّ عدد الرسائل الإلكترونية التي تتلقاها:

مع أنَّها خطوة بسيطة، إلَّا أنَّها فعالة للغاية؛ فالأشخاص الذين يتلقون أكبر عدد من الرسائل الإلكترونية هم الأشخاص الذين يرسلون أكبر عدد منها؛ لذا إذا كنت تواجه مشكلة في متابعة رسائلك الإلكترونية، فانظر إلى عدد ما ترسله منها.

اسأل نفسك قبل اتخاذ قرار بأن ترسل بريداً إلكترونياً إلى أحدهم: ما أفضل طريقة لإيصال هذه الرسالة؟ هل المكالمة الهاتفية فعالة أكثر، أم أنَّ النهوض من خلف المكتب والسير في الممر للحديث مع الشخص سيمنحك النتيجة المَرجوَّة على نحو أسرع؟

يُشار إلى البريد الإلكتروني غالباً بصفته أكبر مُستنزِف لفاعلية الشخص وإنتاجيته؛ لذا اكتب عدداً أقل من الرسائل الإلكترونية، وتلقَ عدداً أقل منها، وأنجز مزيداً من أعمالك الهامة.

  • كلما قَصُرَت العروض التقديمية، تذكَّر الناس مزيداً منها:

هل جلست لحضور عرض تقديمي مدته ساعة ذُكِرت فيه مئات الأفكار والأرقام والصور؟ هل كان العرض التقديمي فعالاً؟ كم تذكرت منه لاحقاً؟ ربَّما القليل جدَّاً من المعلومات.

إنَّه لمن الصعب الحفاظ على البساطة في أثناء إلقاء العروض التقديمية؛ لذلك يجب عليك أن تختار المعلومات التي ستلقيها وتلك التي لن تلقيها في أثناء العرض التقديمي؛ فإذا ركزت الاهتمام على ثلاث أفكار فقط، سترى أنَّ الجمهور يتذكر منها قدراً أكبر بكثير من الذي كان ليتذكره لو أنَّك حاولت طرح عدة أفكار وأرقام في عرضك؛ كذلك إذا أنهيت العرض التقديمي باكراً، ومنحت الجمهور استراحة لم يتوقعوا الحصول عليها، فستكسب رضا الحاضرين بالتأكيد.

  • جعل الاجتماعات تستمر 30 دقيقة عوضاً عن 60 دقيقة:

هل تساءلت لماذا تستمر الاجتماعات دائماً ساعة واحدة؟ ذلك لأنَّ الوقت المخصص لها على رزنامة العمل يكون دائماً ساعة واحدة، لا لأنَّ هذه المدة هي أفضل مدة لعقد الاجتماعات؛ فقد استمرت أفضل الاجتماعات التي عُقِدت لأقل من 15 دقيقة.

حينما تغير المدة المُخصَّصة لعقد الاجتماعات من 60 دقيقة إلى 30 دقيقة، سترى غالباً أنَّ الاجتماعات بدأت وانتهت في الوقت المحدد، وأنَّ مزيداً من الناس يحضرونها، وأنَّك توضح أفكارك على نحو أسرع بكثير، وأنَّ الناس يحفظون مزيداً من المعلومات بسبب قلَّتها.

  • وضع عدد أقل من المهمات على جدول الأعمال:

قد تبدو هذه الملاحظة غير منطقية، لكن وُجِد أنَّ تقديرات الناس بشأن حجم الأعمال التي يستطيعون إنجازها كل يوم لا تعكس الواقع بدقة؛ إذ قد يضع الفرد قائمة مهمات تتضمَّن أكثر من 20 مَهمَّة، في حين أنَّه لن يتمكَّن من إنجاز إلَّا 10 منها.

سيجعلك الإخفاق في إنجاز المهمات التي وضعتها تُحِسُّ بالتوتر والإرهاق، ويعني هذا انخفاض الطاقة والحماسة تجاه عملك؛ لذا حاول عوضاً عن ذلك أن تُسنِد نصف حجم العمل الذي كنت تسنده لنفسك، وتنتقل إلى العمل على إنجاز مهمات اليوم التالي إذا أنهيت عملك باكراً؛ ونتيجة لذلك، ستُحِس بطاقة أكبر بكثير، وبمشاعر إيجابية تجاه العمل والحياة.

  • وضع أهداف أقل:

مثلما هو الحال مع وضع عدد أقل من المهمات يومياً على جدول الأعمال، فمن المفيد أيضاً وضع أهداف أقل كل عام. قد تبدأ العام بوضع قائمة تتضمَّن 10-15 أمنية وتخفق في تحقيقها جميعاً؛ لكن لن تنجح في إحراز أهدافك إلَّا حينما تكتفي بوضع هدفين أو ثلاثة كل عام؛ ذلك لأنَّ الاهتمام بعدد أقل من الأمور قد يمنحك مزيداً من القدرة للتركيز على بضعة أمور هامة فقط.

الأمر أشبه بصنابير المياه التي تتيح لنا تحديد مقدار الماء الذي يتدفق فوق رؤوسنا في أثناء الاستحمام، حيث تستطيع أن تجعل الماء ينهمر على مساحة واسعة، لكنَّ هذا سيجعل جريان الماء أضعف؛ أو في إمكانك تعديل الصنبور حتى يخرج منه ماء أكثر تركيزاً على موضع أصغر من الجسم، فيمنحك بذلك قوة جريان ماء أكبر بكثير.

  • كلما قَلَّ الطعام الذي نتناوله، ازدادت الطاقة التي نحصل عليها:

هذه واحدة من الأمور الغريبة في الحياة، فقد تعلمنا منذ الصغر أنَّ تناول الطعام يُمِدُّنا بالطاقة، وهذا صحيح إجمالاً؛ لكنَّنا اليوم نتناول طعاماً أكثر بكثير من الذي نحتاج إليه، وتحتاج معالجة هذا الطعام إلى الكثير من مصادر الطاقة. إنَّه لمن المؤكد أنَّكم تناولتم جميعاً في الماضي وجبات غداء ضخمة تتضمَّن أرزَّاً أو بطاطا أو بعض أشكال الكاربوهيدرات الأخرى، وأنَّكم أحسستم بعد ذلك بالتعب الشديد والنعاس في فترة بعد الظهر؛ فهل كنتم فاعلين في تلك اللحظات؟ ليس كثيراً بالتأكيد. لو أنَّكم تناولتم وجبات غداء أقلَّ حجماً، لأحسستم بمزيد من الحيوية والطاقة، ولتمكَّنتم من إنجاز مزيد من المهمات؛ لذلك فإنَّ تناول طعام أقل يعني الحصول على مزيد من الطاقة، والذي يعني بدوره إنجاز مزيد من العمل.

  • اتخاذ عدد أقل من القرارات:

قبل عدة سنوات، حينما كان محور النقاشات هو ما إذا كانت هواتف أندرويد أفضل أم هواتف آيفون، كان الأشخاص الذين يفضلون أندرويد يقولون أنَّها تمنحك كثيراً من الخيارات المتعلقة بواجهة المستخدم، وقد كان هؤلاء محقون؛ إذ في إمكانك تحميل آلاف من السِّمات والبرامج والصور الملونة التي تبدو جميعاً رائعة. المشكلة هنا بكل تأكيد هي وجود الكثير من الخيارات التي تُصيب الإنسان بالعجز عن تحديد أيُّها أفضل، فتقضي ساعات في تجريب الموضوعات والصور الملونة الجديدة على حساب القيام بأعمال أخرى أهم؛ في حين يمنحك استعمال آيفون خيارات أقل، لكنَّه يعطيك مزيداً من الوقت لأداء مهمات أكثر أهمية.

تحدُّ كثرة الخيارات المتاحة القدرة على اتخاذ قرارات مناسبة، وهو ما يُسمَّى “إرهاق القرار”، بينما يعني وجود خيارات أقل القدرة على اتخاذ القرارات المناسبة لمدة أطول من الزمن.

صيحة: لا تستخدم الكثير من التطبيقات، بل استخدم تطبيقاً واحداً للرسائل الإلكترونية، وواحداً للكتابة، وواحداً لتدوين الملاحظات؛ ويعني هذا أن تفتح تطبيق الكتابة حينما تحتاج إلى كتابة شيء ما؛ ولأنَّك لا تمتلك إلَّا تطبيقاً واحداً، لن تكون مضطراً إلى اتخاذ قرارات؛ وينطبق الأمر نفسه على تطبيقات تدوين الملاحظات والبريد الإلكتروني وغيرها.

  • استخدام حقائب أقلَّ أثناء السفر:

كلما قلَّت الحقائب التي تحملها أثناء سفرك في الطائرات، تمكَّنت من الخروج والدخول إلى المطار بسرعة؛ وإذا استطعت السفر بحقيبة واحدة تحملها معك في حجرة الطائرة، فسيصبح التنقل بين الطائرات أسهل، وتحظى بوقت أكثر للاستمتاع برحلتك. دعنا نكون صادقين هنا، كم مرة أخذت معك في أثناء السفر حقائب وأمتعة واكتشفت بعد أن عدت إلى المنزل أنَّك لم تستخدم إلَّا جزءاً بسيطاً منها؟

لذلك، لا تأخذ معك كثيراً من الحقائب أثناء السفر، وامنح نفسك وقتاً أكبر للاستمتاع بالأماكن التي تزورها.

  1. العمل لساعات أقل:

يوجد قانون يُدعَى قانون باركنسون (Parkinson’s law) يقول: “يتوسع العمل حتى يملأ الوقت المتاح لإنجازه”؛ ويعني هذا أنَّك إذا خصصت ساعتَين لأداء مَهمَّة ما، فسيستغرق أداؤها ساعتَين؛ لكن إذا خصصت ساعة واحدة فقط لإنجازها، فستحتاج إلى ساعة واحدة فقط. حينما تُطبِّق قانون باركنسون على العمل، ستجد أنَّك بدأت تنجز المهمات التي اعتدت على إنجازها خلال ساعة أو ساعتَين في وقت أقل من ذلك؛ لذلك، حينما تقلل الوقت المُخصَّص لإنجاز العمل، ستنجز مزيداً من المهمات خلال ذلك الوقت.

أجرى أحد الأشخاص تجربة على موظفيه الذين يبلغ عددهم 24 موظفاً يعملون في كل مكتب من مكاتب الشركة الموجودة في سيؤول وباريس، حيث تضمَّن عمل الموظفين ترجمة الحملات الإعلانية ترجمة تلائم البلدين اللذين يتواجد المكتبان فيهما. التزم الموظفون في مكتب باريس التزاماً شديداً بساعات العمل التي اتفقوا عليها مع ربِّ العمل، فكانوا يبدؤون أعمالهم في الساعة الثامنة والنصف وينهونها في الساعة الخامسة والنصف؛ وفي المقابل، كانت ثقافة التعامل مع نهاية العمل في سيؤول أكثر مرونة، فكان الموظفون يبقون في مكاتبهم حتى الساعة السابعة مساء حتى يتمكنوا من تناول طعام العشاء مع زملائهم. اكتُشِف من خلال هذه التجربة أنَّ موظفي مكتب سيؤول احتاجوا ساعات أكثر -7 ساعات إضافية وسطيَّاً كل أسبوع لكل موظف- لإنجاز العمل نفسه الذي كان ينجزه موظفو مكتب باريس؛ وسبب ذلك هو ثقافتا العمل المختلفتان، فقد كان الموظفون في باريس يقضون في العمل الساعات نفسها المُتَّفَق عليها مع رب العمل، في حين كان تعامل الموظفين في سيؤول أكثر مرونة مع الساعات المُتَّفَق عليها، فعملوا بوتيرة أبطأ، واحتاجوا وقتاً أطول لأداء العمل نفسه.

تُعَدُّ هذه التجربة مثالاً واضحاً يبيِّن تجلي قانون باركنسون على أرض الواقع.

الخلاصة:

يتجلَّى مبدأ “الأقل يعني الأكثر” في كل مكان حولنا، وتبيِّن لك الأمثلة العشرة التي قدمناها كيف يعمل هذا المبدأ، وفي إمكانك أن تجد أمثلة أخرى مرتبطة بجميع جوانب حياتك؛ فحينما تُطبِّق المبدأ في جوانب الحياة الأخرى، ستجد أن لديك مزيداً من الوقت لإنجاز مزيدٍ من المهمات التي تحب تنفيذها.