تشهد مهارات التحليل والمنطق طلبًا واسعًا في مختلف الصناعات، وغالبًا ما يتمّ ذكرها كمتطلّب رئيسي في العديد من الوظائف وفرص التدريب.
يساعد التفكير التحليلي على التحقق من القضايا الحياتية المعقّدة، ويسهم في اتخاذ القرارات وتطوير مهارات حلّ المشكلات. حيث أنّك على الأغلب تمتلك بالفعل العديد من مهارات التحليل التي يبحث عنها أرباب العمل دون أن تدري أو تعلم عنها.
فما هي مهارات التحليل والمنطق؟ ما هي أهميتها؟ وكيف يمكنك أن تذكرها في السيرة الذاتية لتضمن الحصول على الوظيفة التي تتمناها؟ ما هو المقصود بمهارة التحليل والمنطق؟
تُعرّف مهارات التحليل والمنطق على أنّها المهارات والقدرات التي تتيح لصاحبها جمع المعلومات وتصوّرها بكلّ تفاصيلها، كما تتضمّن كذلك المقدرة على رؤية مشكلةٍ معيّنة من عدّة زوايا مختلفة.
تتيح لك مهارات التحليل والمنطق إيجاد الحلول لمختلف المشكلات الحياتية، واتخاذ القرار المناسب بفعالية، لأنّ تحليل موقف معيّن يعني أنّك قد طوّرت فهمًا متعمّقًا لجميع جوانبه، واكتسبتَ خبرة لا بأس بها حوله.
يتطلّب التفكير التحليلي في معظم الأحيان انتهاج تقنيات التجربة والخطأ. حيث أنّ أولئك الذين يمتلكون مهارات متقدمة في التفكير التحليلي Analytical Thinking قادرون على تحليل المواقف والمشكلات بسرعة، ويستطيعون العمل جيّدًا مع الفريق لحلّها وتحقيق الأهداف المرجوة.
خطوات عملية التفكير التحليلي
تتضمّن عملية التفكير التحليلي عددًا من الخطوات المتسلسلة، التي يمكن تلخيصها فيما يلي:
- تحديد المشكلة، الموقف أو القضية وتعريفها.
- جمع المعلومات اللازمة حول هذه المشكلة أو القضية من التجربة والملاحظة.
- تطوير حلول لحلّ المشكلة أو لاكتساب فهم أعمق حولها.
- تجربة الحلول أو الأفكار الجديدة التي تمّ العثور عليها واختبارها.
- التحليل اللاحق، أيّ عملية مراجعة الحلول التي تمّ تطبيقها والتأكد من مدى نجاعتها وفعاليتها.
العنصر الأساسي في التفكير التحليلي هو القدرة على تحديد علاقات السبب والأثر بسرعة. ويعني ذلك الفهم السريع لما يمكن أن يكون قد حصل أثناء عملية حلّ المشكلة، وأدّى إلى فشل الحلّ، ومن ثمّ المحاولة من جديد باستخدام أفكار وحلول جديدة.
أهمية المهارات التحليلية
تعدّ مهارات التحليل والمنطق أو Analytical and Logical Skills من المهارات ذات الأهمية الكبرى في يومنا هذا، فهي:
- تتيح العثور على الحلول المختلفة للمشكلات شائعة الانتشار.
- تساعد على اتخاذ قرارات مبنية على فهم صحيح ومتعمّق للمشكلة.
- تحسين الأداء في الشركات والمساهمة في تحقيق أهدافها الكبرى.
بالإضافة إلى ما سبق، فإن استخدام المهارات التحليلية في عملك اليومي يُظهر أنك مفكر موثوق به وعملي، قادر على بناء قراراتك من خلال الاستعانة بالبيانات المتاحة أمامك.
مثال على تطبيق مهارات التفكير التحليلي في الحياة اليومية:
جميعنا نعرف أنّ لديك وقتًا محدودًا تقضيه في العمل كلّ يوم. إنّ تحديد كيفية قضاء هذا الوقت بطريقة تضمن تحقيق إنتاجية أعلى، وجودة أفضل يعدّ تطبيقًا لمهاراتك في التفكير التحليل، ويمكن أن يجعلك سريعًا عضوًا مهمًّا في الفريق لا يمكن الاستغناء عنه.
أهم مهارات التحليل والمنطق
تنطوي مهارات التحليل والمنطق على عدّة مهارات قيّمة يمكنك العمل على تطويرها ومن ثمّ إضافتها إلى سيرتك الذاتية كجزء مهمّ من مهارات التفكير التحليلي. فيما يلي مجموعة من أهمّ هذه المهارات:
- التفكير النقدي Critical Thinking
تعتبر مهارات التفكير النقدي ذات أهمية كبرى في مختلف الوظائف بجميع مستوياتها، بدءًا من المتدرّبين والمساعدين و وصولاً إلى رؤساء الأقسام والمدراء والرياديين.
من خلال مهارات التفكير النقدي، سيصبح في وسعك تحليل الأفكار والآراء المطروحة أمامك والتشكيك فيها بغاية التعرّف على مدى فعاليتها. على سبيل المثال، إذا واجهت في عملك موقفًا قيل لك فيه أنّ مهمّة معيّنة لا يمكن إتمامها، أو هدفًا ما يستحيل تحقيقه. يمكنك اللجوء إلى مهارات التفكير النقدي وطرح أسئلة أعمق حول هذه المشكلة التي أمامك. ما الذي يمكن فعله في هذه الحالة؟ هل يمكن للوقت، المال، القوى العاملة أو الخبرات التي لدينا أن تسهم في حلّ هذه المشكلة؟ هل يستحقّ حلّ هذه المشكلة العناءَ حقًا؟ هل هناك شيء آخر يمكننا استثمار مالنا ووقتنا فيه بدلاً من حلّ هذه المشكلة، وهل سيكون مثمرًا أكثر؟
- القدرة على جمع المعلومات الصحيحة
قد يبدو لك هذا الأمر بسيطًا، إلاّ انّه ليس كذلك على الإطلاق، فالقضيّة لا تتعلّق بجمع كمّ هائل من المعلومات وحسب. إذ يتعيّن عليك جمع المعلومات الصحيحة المناسبة المطلوبة في موقف معيّن، وإلاّ فقد ينتهي بك الأمر بحلول خاطئة غير مناسبة تؤثّر على كامل عملية حلّ المشكلة.
فيما يلي بعض النصائح التي تساعدك على جمع المعلومات بشكل أفضل:
- حدّد بالضبط ما تريد البحث عنه. دوّن جميع المصادر المحتملة التي يمكنك العثور على المعلومات فيها.
- حدّد أيّ المصادر أفضل للمعلومات وأيّها مفيد وحسب.
- حدّد الطريقة التي ستستخدمها في جمع المعلومات، فإن كنت تعمل في مجال التسويق مثلاً، ستجد أن استطلاعات الرأي هي أفضل وسيلة لجمع البيانات.
- حدّد الثغرات التي تواجهها وحاول سدّها.
- فكّر بمن سيستخدم هذه المعلومات: أنت فقط، زملاؤك، مديرك…الخ.
- مهارات البحث
يعدّ البحث جزءًا أساسيًا من عملية التفكير التحليلي. إذ بمجرّد أن يتمّ تحديد المشكلة، لا بدّ من البدء على الفور بتطبيق استراتيجيات البحث بهدف العثور على الحلول المناسبة. قد يكون البحث بسيطًا، كسؤال أحد الزملاء ممن يمتلكون معرفة أكبر حول المشكلة، أو متقدّمًا كالبحثِ المعمّق على شبكة الإنترنت أو البحث والتقصّي الميداني.
- التواصل الفعال
من المهمّ أن تكون على اتصال دائم مع أصحاب العلاقة أثناء تحديد المشكلات وخلال مرحلة العمل على تطوير الحلول وإجراء البحوث ومناقشة النتائج. كذلك فإنّ إيصال المعلومات حول المشكلة لبقية أفراد الفريق أو الأشخاص المعنيين بها يبقى أمرًا ضروريًا لحلّها، والقدرة على نقل المعلومات بوضوح ودقّة هو أحد المهارات الأساسية في عملية التفكير التحليلي.
- المهارات الحسابية
ويقصد بها مهارات الحساب والرياضيات الأساسية، والتي تتضمن المقدرة على تحليل المعلومات الرقمية للخروج باستنتاجات صحيحة وقرارات ملائمة.
تتضمن المهارات الحسابية أيضًا القدرة على التعبير عن الأفكار والمواقف باستخدام الأرقام والبيانات الرياضية. وهي من المهارات المهمة والمطلوبة في مختلف مجالات العمل التي تحتاج إلى تفكير تحليلي ومنطقي، لذا فهي تعدّ جزءًا جوهريًا من مهارات التحليل والمنطق.
- مهارات التفكير الاستراتيجي
وهو القدرة على معرفة ما تريده بالضبط، بل وتحديد كيفية الوصول إليه من خلال وضع الخطط الفعّالة لحلّ المشكلات المختلفة وتحقيق الهدف المنشود.
تتيح لك مهارات التفكير الاستراتيجي إدارة حياتك العملية والشخصية بشكل أفضل، والوصول إلى مستويات من النجاح في جميع الأصعدة.
- الانتباه للتفاصيل
ويعني ذلك القدرة على التركيز في مهمّة معيّنة. حيث يتيح لك الانتباه إلى التفاصيل إمكانية رؤية الجزئيات والروابط الخفية بين المواقف، الأمر الذي يجعلك أكثر كفاءة ويقلل من نسبة ارتكاب الأخطاء أثناء التحليل.
كيف تذكر مهارة التحليل والمنطق في السيرة الذاتية؟
بعد أن تعرّفت على مهارات التفكير التحليلي والمنطق، وبعد أن تحدّد ما تملكه منها، عليك الآن أن تظهر امتلاكك لها من خلال السيرة الذاتية أو رسالة التغطية أو حتى خلال المقابلة الشخصية.
فيما يلي توضيح أكثر لكيفية فعل ذلك:
مهارات التحليل في السيرة الذاتية يمكنك أن تذكر مهاراتك التحليلية في السيرة الذاتية، في ثلاث مواضع أساسية:
- في قسم الملخص Summary أو الهدف الوظيفي Objective، حيث يمكنك هنا توضيح كيفية استخدامك لهذه المهارات في مجال عملك.
- 2- في قسم الخبرات السابقة Professional History وهنا، يمكنك أن توضّح امتلاكك مهارات التحليل من خلال ذكر إنجازات محدّدة في الوظائف السابقة التي عملت فيها.
- في قسم المهارات Skills عليك بالطبع أن تخصّص قسمًا للمهارات في سيرتك الذاتية، وهنا يجب أن تذكر مجدّدًا ما تملكه من مهارات تحليلية. لكن يُفضّل هنا أن تركّز على المهارات التحليلية المتخصصة ذات العلاقة بالوظيفة التي تتقدّم إليها.
مهارات التحليل في رسالة التغطية
تعدّ رسالة التغطية مكانًا رائعًا للتوسّع أكثر في الحديث عن مهاراتك التحليلية. وإليك طريقة فعل ذلك:
بعد قراءة الوصف الوظيفي جيّدًا، اختر قصّة معيّنة (حقيقية) يمكنك أن تقصّها في رسالتك، حول وقت أو حادثة في عملك السابق استخدمت خلالها مهاراتك التحليلية. احرص على أن تكون هذه القصّة ذات علاقة بمجال العمل الذي تتقدّم إليه، واربطها به مؤكّدًا من خلالها السبب الذي يجعلك المرشّح الأفضل والأقوى لهذا المنصب.
ملاحظة:
حاول ذكر الأرقام والإحصائيات كلّما أمكنك ذلك، فهي مؤشر قويّ على مهاراتك، وستسهم كثيرًا في انتقالك إلى المرحلة التالية من عملية التوظيف.
مهارات التحليل خلال مقابلة العمل
من المهمّ للغاية أن تتدرب على الإجابة عن أسئلة المقابلات الوظيفية الأكثر شيوعًا، لتضمن تقديم أداء أفضل فيها. تدرّب على وجه الخصوص على الإجابة عن الأسئلة التي يهدف مدير التوظيف من ورائها قياس مهاراتك التحليلية وتقييمها، والتي قد تأتي على شاكلة الأسئلة التالية:
- صف حادثة عُرضت فيها عليك مشكلة معيّنة دون وجود الكثير من المعلومات حولها.
- ما الذي فعلته للتصرّف مع الموقف؟ كيف تستفيد من المعلومات لصنع القرارات؟
- تحدّث عن الخطوات التي تتبعها في حلّ المشكلات التي تواجهك.
- كيف تقرّر ترتيب أولوياتك في العمل؟
- ما هو الأسلوب الذي تتبعه في اختبار الأفكار الجديدة؟
- حدّثنا عن إحدى المرّات التي قمت فيها بتحليل أداء برنامج معيّن.
احرص خلال مقابلة العمل على تقديم إجابات وافية ومفصّلة حول كيفية استخدامك لمهارات التفكير التحليلي في حلّ المشكلات والتعامل مع المواقف المختلفة التي اعترضتك، وكيف أسهمت مهاراتك هذه في تحسين المخرجات.
كما يمكنك أيضًا إظهار مهاراتك هذه في التقييمات التي يقدّمها مدراء التوظيف خلال المقابلات الشخصية. حيث أنّ هذا النوع من التقييمات شائع على وجه الخصوص في الوظائف التقنية ووظائف البرمجة. اقرأ المزيد: كل ما تريد أن تعرفه عن المقابلات الوظيفية
تطبيق مهارات التحليل في الوظيفة
بمجرّد أن تحصل على الوظيفة، وتبدأ دوامك رسميًا فيها. يمكنك البدء باستخدام مهارات التحليل والمنطق وتطبيقها على مهامّك الوظيفية الحالية من خلال تجربة أيّ ممّا يلي:
- اعرض على زملائك حلّ المشكلات المختلفة عند ظهورها.
- كن سبّاقًا في تحديد المشكلات واقتراح الحلول،
- كن مبادرًا.
- تطوّع للعمل بمفردك أو مع أعضاء آخرين من الفريق للقيام بالمهام التي تتيح لك فرصة تطوير مهاراتك التحليلية وصقلها.
كلمة أخيرة ليس هنالك في عالم اليوم وظيفة أو منصب يخلو من الحاجة إلى المفكّرين والمحلّلين القادرين على تحديد المشكلات وتقييمها وتطوير الحلول للتغلّب عليها.