الرئيسيةتطوير مهنيالتخطيط و دوره في تحقيق الإنتاجية المهنية
تطوير مهني

التخطيط و دوره في تحقيق الإنتاجية المهنية

ألست مندهشاً من قدرة بعض الأشخاص على القيام بالأمور التي يريدونها كافة في الوقت المخصص لها؟ هل تريد معرفة السر وراء ذلك؟

إنَّ التخطيط ليومك أداة فعالة لتحقيق ذلك، وهو ليس صعباً كما يبدو عليه؛ فإذا أردت أن تكون شخصاً يمكنه تحقيق ما يخطط له بالفعل، فعليك أن تقضي بعض الوقت في التخطيط ليومك؛ ولا تقلق، ستجد في هذه المقالة كل التفاصيل حول أهمية التخطيط ليومك وكيفية القيام به من الألف إلى الياء.

إنَّ هذه النصائح مفيدة للطلاب والأفراد ذوي التوجهات المهنية أيضاً؛ والأفضل من ذلك أنَّك ستتعلم كل حيل الخبراء التي قد تساعدك في تحسين إنتاجيتك من خلال التخطيط ليوم العمل وفقاً لها. ألا يبدو أنَّ هذا حل شامل لجميع مشكلات عملك؟ إنَّه بالفعل كذلك؛ لذا، استمر في القراءة، وستجد العديد من النصائح التي ستغير حياتك إلى الأفضل.

لماذا يجب أن تبدأ التخطيط ليومك؟

قبل أن ننتقل إلى الحديث عن آلية التخطيط ليومك، دعنا أولاً نقنعك بالأسباب التي تجعل من ذلك أمراً يجب أن تبذل لأجله الوقت والجهد.

  1. يجعلك التخطيط مستعداً: ستعرف ما الذي عليك فعله بالترتيب بوجود خطة للمهام في ذهنك، حيث تكون جميع مسؤولياتك لليوم واضحة ما لم تظهر مَهمَّة عاجلة أو غير متوقعة؛ فكما يُقال: “تصبح فرصتك بالنصر أكبر حين تتوجه إلى الحرب مستعداً”؛ ومع ذلك، إذا هُوجِمت بغتةً، فلن تضطر إلى القتال بمجهود أكبر فحسب، بل تصبح احتمالات نجاحك ضئيلة للغاية أيضاً. ستكون أكثر تحفيزاً إذا استيقظت وأنت على علم بالمهام التي يجب عليك فعلها خلال اليوم؛ فنظراً إلى عدم وجود وقت للمماطلة، فلن يكون بمقدورك أن تفعل أيَّ شيء سوى التركيز على العمل؛ وبالتالي يصبح عقلك اللاواعي جاهزاً تماماً للبدء، ومن ثمَّ تقوم بجميع المهام المترتبة عليك بتحفيز كامل. في الواقع، يجعلك التخطيط ليومك تفعل كل ما عليك فعله لتنهي مهامك اليومية دون إبطاء.

2. يسمح لك بتحديد الأولويات: بإمكانك العمل طوال اليوم دون أن تنجز أيَّ شيء يُذكَر، وعليك هنا تجنُّب خطأ المبتدئين هذا. يكمن الحل في التخطيط ليومك، حيث تمتلك بذلك فرصة تحديد أولويات العمل من خلال التخطيط ليومك بطريقة تضمن إنجاز المهام الهامة كافة. في المقابل، ستبدأ فعل أول ما يتبادر إلى ذهنك عند عدم وجود خطة عمل محددة، وهذه طريقة عشوائية للغاية للقيام بالأمور والمهام المطلوبة، إذ لا شيء منها متصل أو مترابط. من ناحية أخرى، يمكنك تخصيص مزيد من الوقت للمهام التي تتطلب وقتاً أكبر من غيرها عند اتباع خطة عمل معينة؛ وعندما تمر بظروف صعبة، يمكنك إعطاء الأولوية للرعاية الذاتية بين مهام ذلك اليوم، والأمر الرائع هو أنَّه لا يزال بإمكانك إضافة المهام العاجلة إلى جدولك مهما كان مزدحماً؛ وذلك بسبب وجود خطة عمل واضحة ومحددة. ستحقق من خلال ذلك أقصى استفادة من وقتك كي تنجز كل ما تريد دون إهمال أيٍّ من مسؤولياتك.

3. يحسِّن التخطيط إدارة الوقت: بطريقة أو بأخرى، تُلخَّص الإنتاجية بشيء واحد فقط، ألا وهو: إدارة الوقت. يُعدُّ التخطيط لكل ثانية من وقتك الطريقة الأمثل لإدارة يومك بشكل جيد، حيث تستغل بذلك كل دقيقة من وقتك من خلال جدولته وتقسيمه إلى مهام متعددة، وتخصيص فترة زمنية محددة لكل مَهمَّة، ووقت للغداء وللاستراحة، وهكذا. تُنظَّم من خلال ما سبق جميع الاحتياجات والوظائف وتُضمَّن في جدول دون حدوث أي تداخل فيما بينها، حيث يُخطَط للالتزامات الشخصية كافة والمواعيد النهائية للعمل وكل شيء آخر بمثالية على مدار الـ 24 ساعة؛ فلا تشعر أنَّك مثقل بأعباء العمل، ولا تضيع الوقت دون فائدة.

4. يجعل التخطيط أيامك منظمة: قد ترغب أحياناً في ارتجال كل شيء، وإنَّه لمن الرائع أن تكون عفوياً من حين إلى آخر؛ ولكن هذا ليس شيئاً يجب عليك فعله كل يوم. رغم أنَّ أسلوب الحياة هذا قد يبعث على المتعة والمرح، فلن يمر وقت طويل قبل أن يبدأ التأثير سلباً في صحتك النفسية؛ إذ عندما تبدأ الأمور الطارئة والعاجلة التأثير في حياتك الشخصية وكفاءة عملك، فلن يكون الأمر ممتعاً إلى هذا الحد بالتأكيد. يجلب التخطيط لأيامك تنظيماً وترتيباً، كما يجعل حياتك منظمة؛ فلا تخلط بينه وبين أسلوب الحياة الممل، حيث تعني الحياة المنظمة أنَّك واضح بشأن ما تريد القيام به، ولا يعني أنَّك ستتبع الروتين نفسه كل يوم؛ ومع ذلك، فأيَّاً كان الروتين الذي تريد اتباعه، فهو يكون مخططٌ له مسبقاً ومدروسٌ جيداً لمواءمة احتياجاتك وعملك. لا يشكل ذلك وسيلة فعالة لتعزيز إنتاجيتك فحسب، بل تساعدك الحياة المنظمة أيضاً على التخلص من العادات السيئة وتعزيز العادات الجيدة في الوقت نفسه.

كيف تبدأ التخطيط لأيامك بطريقة مثالية؟

حان الوقت لكي نتحدث أخيراً عن الطريقة السهلة والفعالة للتخطيط لأيامك كي تتمكن من تحقيق إنتاجية عالية:

  1. ابدأ بهدف معين:

الجزء الأول من خطتك هو أن يكون لديك هدف واضح؛ لذا لا تبدأ أبداً بخطة يومك ما لم يكن لديك هدف محدد لهذا اليوم؛ ذلك لأنَّ الأهداف اليومية في غاية الأهمية، فهي تبقيك على المسار الصحيح، وتساعدك على تحقيق أمر معين في نهاية كل يوم. يجب أن يتماشى هدفك اليومي مع الهدف الأسبوعي والأهداف الأكبر، بحيث تمضي قدماً نحوها بدلاً من إضاعة الوقت هنا وهناك؛ لذا خطط مهامك مع وضع هذا الهدف نصب عينيك، وتأكد من أنَّ كل مَهمَّة تقوم بها تقربك من تحقيق هدفك، بحيث تنجز ما يدور في ذهنك بحلول نهاية اليوم.

  • انظر إلى كل يوم على أنَّه جزء من أسبوع:

رغم أنَّك تخطط ليومك فقط، لكن لا تنظر إليه بشكل منفرد، وضع في اعتبارك أنَّ يوماً واحداً هو واحد من سبعة أيام في الأسبوع؛ وبالمثل، لا تنظر إلى يوم واحد بشكل مختلف عن شهر بأكمله. تكمن النقطة الهامة هنا في أنَّ كل يوم ينبغي أن يساهم في الخطة الأكبر التي وضعتها للأسبوع والشهر والسنة والحياة بأكملها، بحيث تكون جميعها مترابطة؛ وفي النهاية، يجب أن يكون كل ما تقوم به في يوم ما مرتبطاً بما تريد تحقيقه على الأمد البعيد.

لا تنسَ أن تضع المستقبل والصورة الأكبر نصب عينيك عند التخطيط ليومك، كما يجب أن تضع في الاعتبار اليوم السابق واليوم التالي؛ فعلى سبيل المثال: إذا تركت مَهمَّة غير مكتملة في يوم ما، فاحرص على تنفيذها في اليوم التالي؛ وإذا كنت تعلم أنَّ لديك موعداً نهائياً لتسليم العمل في الأيام القادمة، فجدول جزءاً منه في يومك الحالي.

  • صنِّف مهامك:

لا يتضمن يومك أمور العمل فحسب، حيث لديك التزاماتك الشخصية، ومواعيدك النهائية، وحياتك الاجتماعية، وأعمالك المنزلية، وغير ذلك الكثير؛ ويجب أن تتضمن الخطة المثالية جميع هذه الفئات. تتمثل إحدى المشكلات الرئيسة في ميل الكثير من الأشخاص إلى التركيز الكامل على عملهم وإهمال أنفسهم في المقابل؛ لذا لا تنسَ إضافة بعض الوقت الشخصي إلى الخطة اليومية لكي تحظى بخطة عمل مثالية، حيث يعدُّ قضاء بعض الوقت بمفردك أمراً ضرورياً للقوة الذهنية والإبداع والتفكير والأشياء الهامة الأخرى التي تساعدك على المضي قدماً.

سيسمح لك وجود فئات متنوعة في خطتك بموازنة كل تلك الأمور معاً، وستتمكَّن من إدراك أهمية تخصيص فترة زمنية معينة لفئة واحدة في كل مرة؛ وبالتالي، لن يُهمَل أي جزء من حياتك بهذه الطريقة.

  • كن مرناً:

لا تجعل الخطة أكثر صرامة ممَّا ينبغي؛ فأنت لا تعرف أبداً ما الذي سيحدث من مفاجآت في اليوم القادم؛ لذا احرص دائماً على توفير مساحة كافية في خطتك لإجراء التعديلات اللازمة. حدد الأشياء التي لا يمكن تغييرها في الخطة على الإطلاق، وذلك كي تعرف أنَّ عليك إنجازها مهما كلف الأمر، ولن تضطر بهذه الطريقة إلى التفكير طويلاً لإفساح المجال للحالات الطارئة وغير المتوقعة.

كن مرناً بما يكفي لاستيعاب مَهمَّة عمل عاجلة، أو حادث مؤسف، أو عارض صحي، أو ضيف مفاجئ، وأشياء أخرى مماثلة.

  • حافظ على التوازن:

الوقت محدود في يومك؛ فلا تثقل كاهلك بالتخطيط لأكثر ممَّا يمكنك إنجازه فعلاً. تحتوي الخطة المتوازنة على مَهمَّة أو اثنتين كبيرتين فقط، في حين يُقسَّم باقي اليوم إلى 4 أو 5 مهام أصغر، وتستغرق بعض هذه المهام وقتاً أطول من غيرها؛ وعلى نحو مماثل، قد نجد أنَّ بعضها أكثر صعوبة، في حين يكون بعضها الآخر سهلاً للغاية.

 حافظ أيضاً على التوازن بين المهام الممتعة والمملة بحيث لا يكون يوم معين مملاً وآخر مليئاً بالإثارة، وأضِف بعض المهام الاختيارية التي يمكنك القيام بها إذا وجدت الوقت الكافي لذلك، بحيث لا يلحق بك الضرر إن لم تنفذها.

تأكد من إضافة مَهمَّة معينة إلى كل فئة تحدثنا عنها سابقاً، وذلك للحفاظ على توازن مخطط يومك كما ينبغي؛ ومرة أخرى، لا تنسَ تخصيص بعض الوقت للاستراحة والاسترخاء؛ فإذا أرهقت نفسك في أحد الأيام، فلن تكون قادراً على تقديم أداء جيد في أيام الأسبوع الأخرى.

في الختام: من المرجح أنَّك اقتنعت فعلاً أنَّ التخطيط ليوم العمل يستحق كل هذا العناء، وقد حان الوقت لكي تعتاد على التخطيط ليومك في كل ليلة، بحيث تستيقظ صباحاً بأفكار واضحة ومنظمة لما عليك القيام به خلال اليوم. يستغرق الأمر نصف ساعة فقط كل يوم لوضع خطة شاملة ليومك التالي؛ ولكن يوفر لك ذلك مزيداً من الوقت على الأمد الطويل، حيث تعدُّ هذه أفضل طريقة للوصول إلى أهدافك بسرعة وكفاءة؛ كما يعدُّ التخطيط ليومك من الآن فصاعداً أمراً حيوياً إذا كنت تسعى إلى تحقيق النمو والتطور في حياتك ككل.