الرئيسيةتطوير مهنيالمهارات الصلبة و المهارات الناعمة

سيُحكَم عليك خلال مسيرة حياتك المهنية بناءً على مهاراتك الصلبة، ولكنَّك ستتقدم بسرعة أكبر بناء على مهاراتك الشخصية؛ إذ يعزز امتلاكك المهارات التقنية التي تؤهلك للقيام بالعمل تقدمك، بينما تعزز المهارات الناعمة حياتك المهنية من خلال السماح لك بالتفاعل الفعَّال مع الآخرين في بيئة عملك.

المهارات الصلبة مقابل المهارات الناعمة: ما المقصود بها؟

المهارات الصلبة هي المهارات التقنية والمعرفة التي تحتاجها للقيام بعمل معين، والتي تختلف اعتماداً على مجال عملك؛ فعلى سبيل المثال: إذا كنت مبرمجاً، ستحتاج إلى إتقان اللغات البرمجية، وتطوير مهاراتك المنطقية، وتعلم التفكير.

 في المقابل، إنَّ المهارات الناعمة هي المهارات الشخصية التي من المفيد امتلاكها في أي وظيفة؛ ذلك لأنَّ معظم الوظائف تتطلب التفاعل مع الآخرين، حيث تعزز مهارات مثل الصبر والقدرة على الإصغاء والحماسة ، في حين تجعل المهارات الناعمة الأخرى – كالتفاني في العمل والتنظيم وامتلاك أخلاقيات عمل جيدة- مهاراتك الصلبة أكثر إشراقاً.

إذاً، تحدد مهاراتك الصلبة مستوى خبرتك، وتحدد مهاراتك الناعمة طبيعة شخصيتك وفرصتك في الترقية.

كيف تطور مهاراتك الصلبة؟

تتطور جميع المهارات الصلبة والناعمة بالممارسة، وقد تضطر إلى تلقي دروس لإتقان المهارات التقنية التي تحتاجها للنجاح في اقتصاد اليوم سريع التغير؛ ولأنَّ المتطلبات التقنية للعديد من الوظائف تتغير باستمرار، قد تضطر إلى تعلم مهارات جديدة باستمرار.

إن لم تكن ماهراً بما يكفي، فالأخبار السارة هي أنَّه يمكنك تعلم المهارات الصلبة؛ لذا، عزز مهاراتك الصلبة من خلال تلقي دورات تدريبية بصورة دورية.

كيف تطور مهاراتك الناعمة؟

على عكس المهارات الصلبة التي يمكنك إثبات امتلاكها، يصعب أحياناً إثبات أنَّك تمتلك مهارة ناعمة معينة؛ لكن على أي حال، لا يمكن تصديق قول أنَّك لاعب فريق أو منظم للغاية دائماً؛ ولكن إذا شهد لك أحدهم بذلك، سواء كان رئيسك في العمل أم زميلاً سابقاً، سيجعل هذا كلامك أكثر تصديقاً.

وفقاً لموقع “لينكد إن” (LinkedIn)، فإنَّ المهارات الناعمة الخمسة الأكثر طلباً من قبل أرباب العمل اليوم هي: الإبداع، والإقناع، والتعاون، والقدرة على التكيف، وإدارة الوقت.

فإذا كنت تعتقد أنَّك لا تستطيع تعلم الإبداع، فكر مرة أخرى؛ إذ توجد العديد من الدورات التدريبية عبر الإنترنت التي توضح لك كيفية تطوير مهاراتك الإبداعية، وتمنحك وساماً يشهد بأنَّك مبدع؛ وكل ما تحتاجه هو تطبيق ما تتعلمه عبر الإنترنت على مواقف الحياة الواقعية في مكان العمل.

كيف تطور المهارات الناعمة دون دورات تدريبية؟

ماذا لو احتجت إلى استراحة من التعلم المستمر؟ هل توجد طريقة لبناء مهاراتك الناعمة بنفسك؟

1- تطوير مهارات الإبداع: عندما يتعلق الأمر بتعزيز إبداعك بطريقة سهلة وممتعة، حاول أن تأخذ فكرة عن الموضوع من المجالات الأخرى، واعلم أيُّها يهيمن ولماذا، وهل توجد أي طريقة لنقل ما نجح في مجال مختلف إلى المجال الذي تعمل فيه؛ فمثلاً: لنفترض أنَّك تعمل في مجال النشر: قد تبحث في مجال الأزياء للحصول على الإلهام من الألوان الرائجة لهذا العام، أو ربَّما يلهمك غلاف كتاب أو فكرته؛ أو لنفترض أنَّك تدير سلسلة مطاعم: قد تبحث في مجال السفر لمعرفة الوجهات الشائعة التي يفضلها السيَّاح هذا العام، وتحصل على فكرة عن إضافة طبق جديد إلى قائمة مأكولاتك.

من الطرق الأخرى المُتَّبعة لتعزيز الإبداع ما توصَّلت إليه دراسة أُجرِيت في جامعة ستانفورد (Stanford) حول أنَّ المشي يصقل التفكير الإبداعي، ولكن ليس عليك المشي في الهواء الطلق لتكون مبدعاً، إذ إنَّ للمشي داخل الأماكن المغلقة له نفس التأثير؛ لذا اسأل في المرة القادمة التي يقترح فيها شخص ما في شركتك جلسة عصف ذهني عمَّا إذا كان بإمكانكم جميعاً المشي أثناء طرح الأفكار بدلاً من مجرد الجلوس دون حراك.

 2. تعزيز مهارات الإقناع: ضع في اعتبارك أنَّ الإقناع ليس حكراً على المدعي العام أو مندوب المبيعات، حيث يبدأ العمل على تطوير قوتك في الإقناع بأن تصبح أكثر وعياً باختيارات زميلك أو وجهة نظره ومخاطبة اهتماماته الخاصة؛ لذا أصغِ جيداً لفهم وجهة نظره، ثم حاول إيجاد اهتمامات مشتركة فيما بينكما.

بما أنَّ مَهمَّتك هي إقناع القلوب والعقول، ينبغي لك الاستعداد مسبقاً لتقديم الحجج وبذل قصارى جهدك لإظهار شغفك الحقيقي فيما تحاول إقناع الآخرين به.

3. صقل المهارات التعاونية: لصقل مهاراتك التعاونية، اعرف طبيعة كل فرد في فريقك، وفكر في الفريق كقطيع من الذئاب، حيث يُسمَح فقط لعضو واحد بالرئاسة، وينفِّذ الأعضاء الآخرون الأوامر؛ فإذا كان فريقك يحتاج إلى قائد، فاستعد للتقدم، وفهم كيفية بناء التحالفات والثقة والتواصل للمضي بالفريق قدماً.

يمنحك وعيك الذاتي بما إذا كنت تفضل توجيه الآخرين، أم تلقي التوجيه منهم، أم توجيه نفسك بنفسك إحساساً بأسلوبك التعاوني؛ ولكن اخطو بحذر إذا شرعت في إزاحة من يتمتعون بشخصية القائد، واعلم أنَّ المجموعة المتماسكة هي أساس التعاون.

 4. تطوير القدرة على التكيف: أصبحت القدرة على التكيف كمهارة ناعمة سمة مرغوبة أكثر من أي وقت مضى، حيث تواجه الشركات اضطراباً، ويجب أن تعيد تشكيل نفسها باستمرار باستخدام التكنولوجيا والمنتجات والخدمات الجديدة. لن تساعدك المهارات الصلبة وحدها في مواكبة التحولات الصناعية، حيث تأتي القدرة على التكيف من التركيز على المستقبل، وأنت تعلم أنَّ التغيير قادم قريباً؛ لذا، استعد لاستقباله.

5. تطوير مهارات إدارة الوقت: أخيراً، عندما تُظهِر لمديرك أنَّك تتمتع بقدرات ممتازة في إدارة الوقت، فإنَّك تصبح تلقائياً الشخص الذي يبحث عنه؛ ويعني هذا أنَّك قادر على تحديد أولويات مَهمَّاتك، ومعرفة وقت التفويض، والوفاء دائماً بالمواعيد النهائية. ابدأ كل يوم بتجميع قائمة بكل ما يجب القيام به، ثم افصل المهمات ذات الأولوية عن تلك التي يمكنها الانتظار، وابحث عن أي عمل يمكنك تفويضه إلى أحد مساعديك، وضع قائمة انتظار المهمات جانباً، وركز على المَهمَّة ذات الأولوية القصوى؛ أما بالنسبة إلى المشاريع المعقدة وطويلة الأمد، فحاول تحقيق تقدم تدريجي كل أسبوع كيلا ترهق نفسك.

إذا كنت تميل إلى فقدان مسار الوقت، ففكر في تعيين إطار زمني لمعالجة كل مَهمَّة في قائمتك، واشطب كل مَهمَّة بمجرد إنجازها، وكافئ نفسك باحتفال صغير تتناول فيه القهوة، أو تتجوَّل حول المبنى، أو تتحدث مع زميل في العمل لمدة وجيزة قبل التعامل مع المَهمَّة التالية؛ حيث سيؤدي هذا إلى إعادة الصفاء إلى ذهنك وإعادة ضبط تركيزك.

مفتاح آخر لإدارة الوقت: الحد من عدد المكالمات الهاتفية والاجتماعات والمراسلات والمشتتات، حيث توجد بعض الأدلة التي تُظهِر أنَّ قلة من العمال يستطيعون القيام بتعدد المهمات بفاعلية، فمن الأفضل إكمال المَهمَّة قبل التحقق من الرسائل النصية ورسائل البريد الإلكتروني.

5. السعي إلى تحقيق التوازن بين المهارات الصلبة والمهارات الناعمة: إنَّه لمن الضروري أن يتبنى أصحاب الوظائف التقنية بعض المهارات الناعمة، وأن يتبنى أصحاب الوظائف التي تتطلب مهارات ناعمة مزيداً من المهارات الصلبة؛ فكلاهما هام لأرباب العمل؛ لذلك، اعمل على تنمية كل مجموعة من المهارات، وابذل الجهد للتفوق في أي عمل يتعلق بمهاراتك الأساسية الصلبة للتأكيد على خبرتك التقنية. أما لتحسين مهاراتك الناعمة، فاحرص على أن تعمل في مشاريع مرتبطة بالعمل الجماعي أو تتقلد أدواراً قيادية توفر لك فرصاً للتطور الشخصي؛ وإذا كنت لا تستطيع فعل ذلك في مكان عملك، ففكر في الانضمام إلى منظمة تطوعية، فالعمل التطوعي طريقة مجربة لصقل مهاراتك الشخصية.

نظراً إلى عدم وجود مقياس لمعرفة مدى مهارتك في المهارات الناعمة بدقة، اطلب تغذية راجعة تساعدك على معرفة كيف ينظر إليك الآخرون، وتذكر أنَّك كلما مارست أكثر، أصبحت أفضل. باختصار: أتقن مهاراتك الصلبة لأنَّها أساس حياتك المهنية، ثم اعقد العزم على معاملة الرؤساء وزملاء العمل والمرؤوسين بلطف، وأصغِ جيداً، وقدّم دائماً أكثر ممَّا هو متوقع منك؛ فمن خلال القيام بذلك، ستصبح عند رؤسائك من المتميزين، وتنطلق مسيرتك المهنية.