هل تستطيع وصف طاقمك الوظيفي بالمتحمس و الشغوف و الملتزم؟ هل معدل معنوياته و ولائه للشركة مترفع؟ أصبح موضوع إلتزام الطاقم الوظيفي من أكثر المواضيع نقاشا في حلقات الموارد البشرية في يومنا هذا.
هل جميع الموظفين في شركتك مندفعين و متحمسين للعمل و هل تستطيع وصفهم بالمتعاونين؟ هل تستطيع القول بأن درجة إنتمائهم للشركة عالية؟ كم عدد الموظفين المندمجين في نشاطات الشركة بشكل فعلي بحيث يسهمون في تحقيق أهداف الشركة و إهتماماتها؟
يعد إلتزام الموظفين من أهم المواضيع في هذه الأيام في الشركات كما تبدي تلك الأكثر تميزاً إهتماما ثابتاً في قياس و مراقبة و زيادة معدل إلتزام الموظفين .
أظهرت دراسة (تاورز بيرن) العالمية للقوى البشرية التي أطلقت في أشهر أيار و حزيران من العام 2007 ، و التي تعتبر الأضخم من نوعها أن 21% من الموظفين الذين تمت دراستهم من مختلف أنحاء العالم ملتزمين بعملهم بينما تبين أن 38% من الموظفين هم من الذين ليس لديهم أي نوع من الإلتزام نحو عملهم كما أظهرت الدراسة أنما يصل نسبته إلى 41% موظف هم من الملتزمين جزئياً تجاه عملهم. يتضح من هذا أن أصحاب العمل لا يبذلون أقصى جهدهم في تحقيق أهداف الشركة و أجندتها كما يتضح أيضاً أنه يوجد مخزون هائل من الكفاءات و القدرات الغير مستغلة، الأمر الذي أطلقت عليه (تاورز بيرن) إسم “فراغ الإلتزام”.
مفهوم إلتزام الطاقم الوظيفي:
يعرف مفهوم إلتزام الطاقم الوظيفي بشكل عام بمعدل إلتزام الموظفين التام نحو عملهم و مدى إهتمامهم بالشركة التي يعملون بها و زملائهم في العمل بالإضافة إلى مدى رغبتهم في بذل الجهد الإضافي لضمان نجاح الشركة. وصفت (ذا كونفرنس بورد) في نشرتها التي أصدرت بعام 2006 في الولايات المتحدة الأمريكية بعنوان “إلتزام الموظف، نظرة عامة لدراسات جارية و تأثيراته) إلتزام الموظف ب” شعور عاطفي متأجج يشعر به الموظف تجاه الشركة التي يعمل بها و الذي يدفعه إلى بذل أقصى ما عنده في آدائه لعمله”.
يقسم الموظفين إلى ثلاثة فئات:
الملتزمون: هم الموظفون الذين يتمتعون بالحماسة تجاه عملهم إلى جانب تمتعهم بالولاء و الإلتزام و الإنتاجية.
الغير ملتزمون: هم الموظفون المنفصلون إنفصالاً تاماً عن الشركة التي يعملون بها. يعمل هؤلاء الموظفون بجد و يساهمون بالشركة لكن حجم الدافع لديهم للنجاح يعد أقل من الذي يتوفر عند نظرائهم الملتزمين. كذلك هم لديهم القابلية للتغيب عن الشركة و/أو تركها.
الغير ملتزمون بفاعلية: هم الموظفون الذين يفتقرون لأي صلة عاطفية تربطهم بعملهم و هم غير مبالين بمستقبل الشركة و لو كانوا حاضرين فيها. يتمتع هؤلاء الموظفون بدرجة كبيرة من عدم الرضى على وضعهم كما تتميز سلبيتهم بكونها وبائية يسهل إلتقاطها من قبل الموظفين العاملين في الشركة.
لماذا يعد إلتزام الطاقم الوظيفي من الأمور الهامة؟
أظهرت البحوث الموثقة وجود صلة مباشرة بين معدل إلتزام الطاقم الوظيفي في الشركة و الأداء العام المالي و العملي للشركة. ترتبط العناصر التالية على وجه الخصوص بمعدلات الإلتزام المرتفعة للطاقم الوظيفي:
- الإنتاجية الأكثر
- خدمة العملاء الأفضل و العملاء الأكثر رضى
- قلة تغيب الموظفين
- انخفاض معدل تغير الموظفين و ارتفاع معدلات الحفاظ عليهم
- ارتفاع معدل الرضى الوظيفي
- الروح المعنوية المرتفعة
- ارتفاع معدلات الحافز على العمل
- ارتفاع معدلات روح الفريق و انخفاض معدلات الأنانية
- ارتفاع معدلات الولاء و الإلتزام تجاه الشركة
- الشعور بالفخر و الكبرياء تجاه الشركة
- القابلية الأكثر في خوض المخاطرات و الإبتكار
ارتفاع معدلات الحماسة و الطاقة
تشير نتائج البحث بشكل كبير إلى أن الإختلاف بين الموظفين الملتزمين و الغير ملتزمين ليس بالأمر الغير هام كما تشير أيضا إلى أن إلتزام الموظفين أصبح يلعب دوراً كبيراً جداً في الأفضلية التنافسية للشركة و التي تساعدها على التقدم و النمو. يعد الأمر الذي سبق ذكره حقيقة بسب إتجاه الإقتصاديات نحو الإقتصاد المعرفي و بسب محاكاة القوى العاملة المتزايدة للقوى العاملة المعرفية بالمقارنة مع القوى العاملة العمالية و الذي كان مصاحباً للتغير الذي طرأ على ميزان القوى.
رأى تقرير (ذا كونفرنس بورد) المنشور في العام 2006 أن معدل تفوق الموظفين الملتزمين أعلى من تلك التي يتمتع بها نظرائهم الغير ملتزمين بنسبة تتاروح بين 20% إلى 28%.
ما هي العوامل التي تحفز إلتزام الطاقم الوظيفي؟
يوجد عدة عوامل مؤثرة على إلتزام الطاقم الوظيفي و أهمها هو:
- علاقة الموظف مع مديره المباشر
- فرص النمو و التطور التي تقدمها الشركة
- الفخر في الشركة التي يعمل بها الموظف
- وضوح التوقعات و الواجبات المسندة
- وضوح إرتباط وظيفة الموظف و دوره في الشركة مع أهداف الشركة و أدائها
- إتباع العدل و انتشار الإحترام المتبادل
- نزاهة الإدارة
- وفرة التدريب و الإرشاد و النقد البناء اللائقين
- ثقافة فريق العمل التي تنمي التعاون و الثقة بين الزملاء
- طبيعة الوظيفة و مدى التنوع في واجباتها و الإثارة فيها
- حس الملكية تجاه الوظيفة و السيطرة الكلية على الوظيفة و مشاكلها و حلولها
- الشعور بالتقدير و المشاركة في نشاطات الشركة
- القدرة على المشاركة في عمليات صنع القرار
ذكر معهد الدراسات التوظيفية في نشرة له بعنوان محفزات إلتزام الموظفين (روبنسن دي، بري مان إس، هيداي إس، نسيان 2004) أنه بناءً على البحوث التي أجراها وجد أن “أقوى محفز على الإطلاق هو الشعور بالتقدير و حيوية المشاركة في نشاطات الشركة”.
وضعت نشرة (ذا كونفرنس بورد) لعام 2007التي لخصت 12 دراسة هامة أعدت على مدى الأربع سنوات الماضية صدرت عن أبرز شركات إعداد البحوث و الدراسات مثل (جالوب)، (تاورز بيرن)، (بلسنج وايت)، مجلس القيادة العملية ((The Corporate Leadership Council و غيرهم و وضعت 26 حافز أساسي للإلتزام عملت على تحديد أهم حافز للإلتزام هو علاقة الموظف بمديره المباشر.
كيف تستطيع الشركة زيادة إلتزام طاقمها الوظيفي؟
لا يوجد أي طريق مختصر يسلك نحو إيجاد الإلتزام لدى الطاقم الوظيفي لأنه من الأمور التي تطلب المثابرة و إستثمار الوقت و الجهد و الموارد من قبل الشركة.
بالرغم من الذي سبق، تعد النتيجة النهائية المتمثلة في الإنتاجية و الربحية المضاعفة و الروح المعنوية المرتفعة من الأمور التي تستحق ذلك الجهد الذي تبذله الشركات حيث أشار تقرير (تاورز بيرن) حول الكفاءات المنشور في عام 2007 بإسم “العمل اليوم: فهم لمحفزات إلتزام الطاقم الوظيفي” إلى أن “تنمية الإلتزام الوظيفي عملية مستديمة ترتكز على أساس الخبرة العملية ذات المعنى و المساهمة في تنمية العواطف”.
أول خطوة نحو مضاعفة معدل الإلتزام في الشركة هو وضع منهجية لقياس و تقييم تصرفات الموظفين السائدة بانتظام عبر تحضير دراسات حول رضى العملاء. تتأثر معدلات الإلتزام بالتصرفات و الصفات و الميول الفردية.
لذا، على المدراء تحديد تلك التي تتناسب مع طاقمهم الوظيفي و أكثرها أهمية بعين الإعتبار بحذر شديد.
تستطيع الإدارة بعدها وضع المعايير التي تعمل على رأب الصدع في إلتزام الطاقم الوظيفي و خاصة عندما تتعلق الأمور فيما يلي:
- منح الموظفين الحرية في توجيه الشكاوى و الاستفسارات و الأسئلة
- الرد على هموم و إستفسارات الموظفين و مواضيعهم بالطريقة المناسبة
- تجيهز الطاقم الوظيفي بكافة الموارد التي يحتاجونها لأداء وظيفتهم على أفضل وجه
- شمل الموظفين في عمليات حل المشكلات و صنع القرار
- أخذ آراء الموظفين بعين الإعتبار عند تتعلق بأمور هامة
- إعداد أعلى معايير للثقة و النزاهة و الأخلاق التي يستطيع للموظف الإفتخار بها و التمثل بها
- تقدير الموظف على الجهد المبذول
- مكافأة الموظفين على مجهوداتهم و مساهماتهم
- تنمية حس الفخر و الملكية عند الموظفين
- توفير بيئة عمل محفزة على العمل و المنافسة
- إظهار الإدارة إهمتمامها و تقديرها الصادقين للموظفين
- إعطاء الموظفين فكرة عن تأثيرات أدوارهم الفريدة على مستقبل الشركة.
توفير فرص النمو و التطور للموظفين
تعد مساهمة البيئة التي يجد فيها الموظفون أنفسهم حائزون على التقدير و الإحترام و التحدي الذي يستحقونه إلى جانب وفرة فرص النمو و التطور المصاحبين للوضوح التام في الأدوار المسندة إليهم و تأثيرات مساهماتهم على الشركة و أدائها أمر واضح في تنمية مشاعر الإلتزام و الإنتماء للشركة في نفوسهم.
ركزت نتائج الدراسة التي أجرتها (ذا تاورز بيرن) على ثلاثة جوانب يجب على الشركات التركيز عليها لمضاعفة إلتزام الموظفين و الوصول إلى أقصى جهد يمكن للموظفين بذله.
- يحتاج الموظفون إلى التأثر بالإلتزام و الرؤية و الإلهام الصادرين عن رؤسائهم في العمل. إذا شعر فقط ما نسبته 38% من الموظفين الذين شملتهم الدراسة أن الإدارة تتواصل معهم بصدق و إنفتاح كما وافق 48% فقط من الموظفين على أن إدارتهم تحاول أن تبذل أقصى ما عندها لتكون شفافة.
- يرغب الموظفون أن يساهموا بالمزيد لشركتهم لكنهم في المقابل يريدون معرفة ما الذي سيحصل عليه في المقابل.
- يرغب الموظفون بالعمل مع شركة لها مركزها القيادي في السوق.
قالت (جولي جوبور) المدير الإداري ل(تاورز بيرن): “في نهاية اليوم، ترسم دارستنا صورة لقوة عاملة طموحة و حيوية و ملتزمة بالعمل الجاد متمتعة بالإستعدادية لبذل أقصى طاقتها. يضع هذا نهاية لبعض الصور النمطية الدائمة كالتالي: يتمتع الموظفين فقط بالولاء تجاه أنفسهم و مسيرتهم المهنية و هم قانعون ببذل القليل من الجهد. لكن يتطلب تحويل الطاقة و الطموح اللذان يتمتعان به الموظفون إلى إلتزام يتطلب الإنتباه و الإلتزام و التركيز و إتباع نمط مختلف من التصرفات من قبل رؤسائهم في العمل إلى جانب تزويدهم بمسلك واضح لعدد من الممارسات التنظيمية. يكمن التحدي الذي تواجهه الإدارة العليا في تحديد قيمة مقدرة الموظفين التي لم يتم التوصل إليها و توجيهها عبر إتباع الأساليب التي ينتج عنها التحسينات الملموسة في الأداء العملي.”