عرف (ماكس دو بري) الكاتب في مجلة (فورتشن) و مؤلف العديد من المؤلفات حول القيادة و مهاراتها العمل الجماعي بفن له أصوله و ثوابته قائلا: “إن العناصر الأساسية للعمل الجماعي هي كيفية التعامل مع التغير و الخلافات و كيفية التوصل إلى استخدام قدراتنا الكاملة. إن أفضل طريقة لتلبية احتياجات الفريق هي تلبية احتياجات الأفراد المكونة للفريق قبل التفكير باحتياجات الفريق ككل”.
إن مصطلح العمل الجماعي هو من المصطلحات المدوية في أماكن العمل في وقتنا هذا، لكن في حقيقة الأمر يوجد القليل من الشركات التي تتمتع بالتزام صادق نحو تنمية هذا المصطلح في أروقتها.
حتى يصبح الموظفون جزءاً من فريق العمل، يجب إشعارهم بأنهم عناصر فعالة في الشركات ذات تأثير هام يفوق واجباتهم اليومية و الإعتيادية بالإضافة إلى إشعارهم بأهمية توحيد جهودهم لتحقيق أهداف الشركة التي يعملون بها حتى يضمنوا نجاحها الإستراتيجي.
تعد تنمية العمل الجماعي من الواجبات المهيبة في المراحل المبكرة، و لكن تحقيقه يعتبر أمراً ممكناً في ظل مهارات القيادة الجيدة و الإلتزام الجاد نحو هذا الأمر لأن الثمار التي ستجنى منه تستحق هذا الجهد. تتطلب عملية تنمية العمل الجماعي عنصرين أساسين، هما الوقت و الإصرار.
الوقت: إن الوقت هو مكون ضروري لبناء فريق عمل ناجح بسب حاجة الأفراد إلى فترة زمنية جيدة لمعرفة بعضهم و ليثقوا ببعضهم و حتى يحترموا قائدهم.
الإصرار: لا تبنى الفرق التي يوجد تناسق كبير بين أفرادها بليلة و ضحاها. لذا، يجب على القائد التحلي بالصبر و الإصرار حتى يضمن حصده لثمار العمل الجماعي الفاعل و التقدم نحو الأمام.
مراحل تطور الفريق:
لا بد أن يتفق قائد الفريق مع أفراد فريقه على شروط مشتركة في المراحل المختلفة من تطور الفريق لتجنب التوتر، و الفوضى, و حالة عدم الطمأنينة التي قد تنتج. في السبعينيات من القرن الماضي، قام محلل نفسي يدعى (بروس تاكمن) بوضع نموذج لنمو الفرق و تطورها، و منذ هذه الفترة حتى وقتنا هذا ما زال يعتبر هذا النموذج نجاحاً متميزاً.
قام (تاكمن) بتقسيم نمو الفريق و تطوره إلى خمسة مراحل مذكورة هنا:
المرحلة الأولى
التشكيل: هي المرحلة الأساسية من نمو الفريق و تنشأ هذه المرحلة مع بدء تجميع الأفراد المكونين لها. يعرف عن هذه المرحلة كونها مرحلة مثيرة للتوتر، حيث ليس بالضرورة تمتع أفراد الفريق بمعرفة جيدة ببعضهم, حيث يكون تعاملهم هنا مصبوغاً بشيء من الحيطة و الحذر.
يكمن واجب القائد الأساسي في هذه المرحلة في منح أفراد فريقه أكبر قدر ممكن من الراحة و جعل بداية عملهم بداية موفقة. و على قائد الفريق أن يأخذ في حسبانه ما يلي:
- التمتع بالوضوح و الإنفتاح بخصوص الأهداف المرغوبة.
- الدقة في تحديد الوجبات التي ستسند لكل عضو من أعضاء الفريق قبل شرحها.
- التركيز على القوانين و الإرشادات التي يجب إتباعها.
- الحفاظ على قناة اتصال مفتوحة لتشجيع أفراد الفريق على مشاركة استفساراتهم أو همومهم في حال ظهورها.
المرحلة الثانية
الإضطراب: هذه المرحلة هي المرحلة الصعبة من مراحل نمو الفريق حيث تصبح القوانين و الواجبات مبهمة بعض الشيء لأفراد الفريق بالرغم من إعطائهم فكرة عنها في مرحلة التشكيل.
تعزى هذه الحالة إلى محاولة ربط الأفراد أهداف الفريق مع أهدافهم الشخصية. تعتبر هذه المرحلة اختبار لمهارات القائد مع حاجة الفريق للإرشاد الواضح و الدعم. و خلال هذه المرحلة ينصح بما يلي:
- الإجتماع مع الفريق و مفاتحتهم بكل صراحة.
- التطرق إلى جميع أهداف الفريق و أهداف أفراده الشخصية.
- توضيح الوجبات المسندة لكل فرد من أفراد الفريق و المسؤوليات المناط بهم بالنسبة لأكثر الأهداف أهمية.
المرحلة الثالثة
الإعتياد: تسمى هذه المرحلة أيضا بمرحلة “القبول” لإستيعاب الفريق لجميع الأهداف و المسؤوليات إلى جانب إعتياد أفراد الفريق على بعضهم.
إن دور قائد الفريق في هذه المرحلة هو ضمان الإستمرارية السلسة لهذه المرحلة و تجنب أي تحديات محتملة. و تتطلب هذه المرحلة ما يلي:
- إرشاد أفراد الفريق فرداً فرداً لمساعدتهم في معرفة موقعهم بالنسبة لأهدافهم الشخصية و الجماعية.
- توزيع الواجبات الإضافية بعد تعزيز ثقتهم في قدراتهم تمهيداً لمرحلة الأداء.
المرحلة الرابعة
الأداء: تعرف هذه المرحلة بمرحلة “التركيز” و ذلك لقيام أعضاء الفريق بتركيز أنظارهم نحو تحقيق أهداف الفريق و جني ثمارها.
في هذه المرحلة يكون جميع أفراد الفريق على معرفة تامة بنقاط قوتهم و ضعفهم. سيشهد جميع أفراد الفريق الذين نجحوا في الوصول إلى هذه المرحلة ولادة “الولاء للفريق”.
يعمل القائد في هذه المرحلة على تمكين أفراد الفريق ليصبحوا مستقلين بينما يحضر للمرحلة القادمة. و في هذه المرحلة عليك أن تركز على ما يلي:
- إعطاء أفراد الفريق المساحة, و التحول من مدير لهم إلى مرشدهم.
- التشجيع على السعي وراء مسؤوليات أكبر و المهيئة لشغل المناصب الإدارية.
- مكافأة أفراد الفريق على قيامهم بعمل جيد.
المرحلة الخامسة
التأجيل: تعد هذه المرحلة هي المرحلة الأخيرة من مراحل نمو الفريق و تطوره. تم الإنتهاء من الواجبات كما حققت الأهداف، تعتبر هذه المرحلة بمثابة مرحلة “حداد” بالنسبة لكل من القائد و فريقيه و لكنها بالحقيقة هي بداية جديدة.
خطوات بناء فريق عمل فعال:
ترويج القيادة الرفيعة المستوى: لا يقوم القائد الجيد فقط بالتركيز على أهداف الفريق لكنه يبذل الجهد في تشجيع أعضاء الفريق على مشاركته رؤيته عبر حقن الفريق بالمعنويات المرتفعة.
الحفاظ على قناة اتصال مفتوحة: ستتيح هذه الخطوة لأعضاء الفريق مشاركة وجهات نظرهم، و أفكارهم, و همومهم مع بعضهم البعض و مع قادتهم، حيث يمكن أن تكون الحكمة المشتركة مصدراً هاماً لأفراد الفريق.
تزويد أفراد الفريق بوصف دقيق لواجباتهم: إنه من الضروري إعلام كل فرد من أفراد الفريق بمسؤولياته، إذ سيساعدهم ذلك على بقاء الفريق مركزاً و متناسقاً.
تحديد معايير حل الخلافات قبل ظهورها: يظهر ذلك في مرحلة الإضطراب حيث يعد الجلوس مع كل فرد في الفريق أمر هام جدا.
اضرب أكثر الأمثلة تميزا لفريقك: إن وعظ أفراد الفريق عن القيم و الأخلاق لا يعد أمراً يترتب عليه نتائج حميدة إذا كان المدير و الإدارة العليا لا يسيرون وفق تعاليمهم.
عليك أن تتمتع بالإلتزام، النزاهة, و الإصرار نحو ما توعظ به و سيتبعك أفراد فريقك كما ذكر كل من (روبنز) و (فنلي) مؤلفا (واي دونت تيمز وورك) الكتاب الحائز على جائزة (الفاينانشل تايمز) كأفضل كتاب أعمال في السنة في أمريكا.
“يعد الكفاح و تبني الأساليب الجديدة من العناصر الهامة لتطور الفريق بغض النظر عن صعوبتها”.