ذات مرة، قال فرانكلين د. روزفلت “إنه لأمر فطري أن يقوم المرء بتجربة طريقة جديدة. إذا لم تنجح اعترف بصراحة بذلك ومن ثم يقوم بتجربة وسيلة أخرى. ولكن أهم شيء هو التجربة”. نحن شاكرين لكوننا نعيش في أزمنة تجارب حيث النمو و التطور هي النتيجة المأمولة و يكون رؤساء العمل قد تعلموا الصبر إذا لم يتعلموا من صميم قلبهم تقدير و ترحيب التنوع في الخلفية و المهارات التي تنتج عن التغيرات المهنية.
بدلاً من الإستقرار المهني الطويل و الدائم يقوم العديد من الموظفين اليوم بالإلتزام بمسار مهني يستوعب التحديات و الفرص في حال ظهورها. هؤلاء قد تحفزهم عوامل خارجية بشكل كامل، كالعوامل الإقتصادية و إعادة الهيكلة و التقليص و الزيادة و ظهور قطعات مهنية جديدة ذات سيولة عالية أو تحفزها التغيرات في الأوضاع الشخصية التي قد تشمل العمر و التغيرات في الحالة الزوجية أو الوضع العائلي و الأماكن التي يفضلها الأشخاص عن غيرها و متطلبات الحياة الجديدة و الرغبة في الحصول على عمل أفضل أو التوازن الحياتي.
مهما كانت الدوافع، لم يعد التغير الوظيفي المورد الوحيد الغير مرحب به لغير العاملين و لكنه أصبح عامل مشترك في تغير الأحداث و الذي من المتوقع أن يزيد مع إعادة هيكلة الإقتصاديات على نحو أسرع من السابق و مع زيادة تدفق المعلومات حول المسارات المهنية البديلة بحرية أكبر, و يعدّ إكتساب التوازن الوظيفي/ الحياتي أهمية كبيرة بالإضافة إلى النمو الإقتصادي الهائل الذي يعني كثرة الفرص المتوفرة.
إذا، كيف تستطيع تحديد المهنة المناسبة لك في وقت يتدفق فيه التغير و كذلك الفرص في ظل باقة من الخيارات الواسعة؟ إليك بعض الإرشادات في حال تعاملك مع هذا الموضوع الهام:
الحلم
(ابحث عن هواياتك و إهتماتك)
- إقرأ المؤلفات الحالية التي تتناول موضوع التغير المهني و التي تطلعك على أسباب التغير و كيفية إجرائه و الوقت المناسب له. من هذه الكتب كتاب (وات كلور إز يور باراشوت) و يعتبر هذا الكتاب وسيلة رائعة لبدء عملية إكتشاف الذات.
- إسأل نفسك عما الذي كنت ستفعله في عالم مثالي لم تعد فيه النقود أمر أساسي لإستمرار الحياة. ماذا كنت ستفعل إذا كانت لديك سنة كاملة لتقضيها بعيداً عن العمل أو من الشخص الذي برأيك لديه وظيفة أحلامك و تريد أن تتمثل به إذا كان ذلك أمر مقدور عليه؟ هل كنت ستصبح شاعراً، هل كنت ستدير شركة عالمية ، هل كنت ستنافس في الميادين الرياضية أم هل كنت ستصبح مصمماً معمارياً لأهم المشاريع في العالم، هل كنت ستصبح مؤلفاً، هل كنت ستعمل مع الأطفال أو الكبار بالسن، هل كنت ستصبح معلماً، هل كنت ستداوي المرضى أم هل كنت ستصبح ممثلاً؟
- إسأل نفسك عن ماهية الواجبات المثالية لك التي ترغب بالإنخراط فيها. هل تفضل الجوانب التحليلية من عملك (سواء أكان الحالي أو السابق) أم الجوانب الإدارية أم الجوانب التدريبية ماذا عن الجوانب المتعلقة بحل المشكلات؟ أم هل تفضل الجوانب المتعلقة بعملية صنع القرار داخل الفريق أم الكتابة أم التصميم أم التنسيق أم هل أنت من الذين يفضلون العمل الإداري.
- قم بإنشاء قائمة بتلك الجوانب لوظيفتك أو الوظائف الأخرى التي لا تحب أو تود أن تتجنبها.
- كن صادقاً مع نفسك و كن خلاقاً و احلم بما تود أن تقوم به. إن مرحلة الحلم هي ليست للتركيز إنما هي مرحلة لتدع نفسك تختبر جميع الإهتمامات و لتجعلها فضولية تجاه المسارات و الإحتمالات الجديدة.
التحديد
(ابحث في قيمك و أولوياتك و مهاراتك)
- قم بتحديد أولوياتك. ما مدى أهمية التوازن في حياتك العملية بالمقابل لتقدمك المهني أو إستقرارك الإقتصادي؟ ما مدى أهمية وقت فراغك بالمقابل لعملك و بالمقابل للتعلم؟ هل أنت مستعد لأن تعلق واحد أو إثنان منها لفترة من الزمن بينما تقوم بالسعي وراء ثالثة أو هل خطتك للحياة المثالية خليط يجمع الثلاث أولويات مع بعضهم؟ هل أنت سعيد بإستقرارك المالي أو ترغب بالحصول على مكسب مالي كبير؟ هل ترغب بالحصول على وظيفة أم مهنة؟ هل المكانة و الحالة الإجتماعية أمران هامان بالنسبة لك و كم كانت توفر مهنتك السابقة أو المحتملة؟
- قم بتحديد قيمك الحقيقية و ابحث عن المهنة التي تتماشى معها. كانت نصيحة آلبرت آينشتاين إذا تعلق الأمر بما سبق “حاول ألا تكون إنساناً ذو نجاحات و لكن حاول أن تكون إنسان ذو قيم”.
- قم بإنشاء لائحة بمهاراتك و نقاط قوتك.
- قم بإجراء إختبارات تقييم الذات حتى تتعمق بذاتك لتكون على دراية بالذي يحفزها و يدفعها و يلهمها.
تعمق و حلل
(قم بدراسة المسارات المهنية البديلة)
- إجرِ بحثاً عن المسارات المهنية البديلة لك (إبحث عن إمكانية النمو و مواصفات الوظائف و الراتب المدفوع وإمكانية التنقل و التوازن بين العمل و الحياة و كل الأمور الأخرى التي ستحدد طول المدة التي ستقضيها في مهنتك.
- إكتسب أكثر كم من المعلومات حول المهن بينما تتوق إلى المسارات المهنية البديلة الممكنة. إقرأ المواقع و المنتديات المهنية الإلكترونية و تحدث إلى الأشخاص الذين يعملون في الميدان و اشترك بالمجلات و الرسائل الإخبارية المهنية و لا تترك أي ركن لم تبحث فيه عند الإطلاع على المجال الذي من المحتمل أن تعمل فيه.
- قم بإنشاء لائحتك الخاصة بمهارتك و إهتماماتك و قيمك إستعداداً لمتطلبات المسارات المهنية البديلة.
- قم بوضع تحليلات و إحتمالات واقعية لتلك العوامل التي قد تعرقل إنتقالك في حياتك المهنية. هذه العوامل قد تكون لها علاقة بإمكانية التنقل بين الأماكن المختلفة أو العجز الإقصادي أومتعلقة بإعتبارات عائلية أو عوامل تتعلق بالتعلم أو التدريب. قم بدراسة الحواجز المهنية و غير المهنية لدخول مهنة ما و كن واقعياً بتحديدك كيف تستطيع أو ستستطيع التغلب عليهم.
- · ابحث عن النصح و الإرشاد. بينما تحاول إعادة إكتشاف نفسك قد تجدها بحاجة إلى التحدث إلى مستشار مهني بصفة رسمية أو تحدث إلى شخص يعمل في مجالك الجديد بصفة غير رسمية، قد يكون ذلك الشخص زميل أكبر منك عمراً أو نظير لك. الإرشاد الرسمي يكون أكثر نفعاً عندما تحاول تخطي العقبات النفسية لنموك و تقدمك المهني. غالباً ما تكون العوامل الأكثر ضرراً للتطور المهني هي نقص الإحترام للذات و القلق و الجمود و عدم القدرة على التعامل مع التغير بطريقة بناءة و هادفة.
قرر
(إختر المسار المهني المطلق)
- دع غرائزك الطبيعية وإحساسك الباطني و الثمار التي جنيتها من بحثك المكثف ترشدك. العديد من الناس اليوم قد تعلموا كبح جماح هذه الغرائز الأساسية التي تدفعنا نحو القيادة و السعادة و النجاح في عالم أصبحت فيه الحسابات المكثفة صفة من صفاته.
- لا تنجرف مع الضغوط الخارجية. عادة ما تشكل العائلة و الأصدقاء و المجتمع ضغط على الشخص حتى يلتزم أو يتبع مساراً مهنياً محدداً. بابلو بيكاسو قال ذات مرة “قالت لي أمي: “إذا أصبحت جندياً، ستصبح جنرالاً أما إذا أصبحت راهباً، سينتهي بك المطاف لتصبح البابا”. و لكني أصبحت رساماً و انتهى بي المطاف لأصبح بابلو بيكاسو”.
- لا تدع الأمور الإقتصادية تصبح مرشدك الوحيد إلا إذا حددت عملية كسب الأموال ( بأمجادها و إكسسواراتها) على إنها أهم شيء عندك و هدفك في الحياة. غالباً، ما يكون من السهل تعويض الخسائر المالية القصيرة الأمد بحقيقة نجاحك بالنهاية و إكتسابك للعمق و المهارة في الحقل الذي يستهويك.
تحدى
(سر بخطوات واثقة في مهنتك الجديدة)
- كن مؤمناً بنفسك. تحلى بالإيمان و الجرأة و الشجاعة في تحقيق طموحاتك. لا تدع إدراكك السلبي لذاتك و التنديدات الخارجية تحط من قدر دوافعك الحقيقية. بعد العمل المنزلي و القراءة و البحث و الإحساس الباطني و البحث بذاتك و الإتصال و التحليل. أغمض عينيك و اعثر على الشخص الذي أردت دائماً أن تكون.
قال روبرت كندي ذات مرة: “فقط هؤلاء الذين لديهم الجرأة ليفشلوا فشلاً ذريعاً هم الذين يحققون نجاحاً عظيماً”. سلّح نفسك بأحلامك و معرفتك الجديدة بنفسك التي لا تقدر بثمن و ببحثك الدقيق جداً عن الفرص الكثيرة الموجودة و لا تترد بالسعي وراء مهنة أحلامك. في النهاية، سيشكرك نجاحك!