يلعب الولاء الوظيفي لفريق العمل و للطاقم الوظيفي ككل دوراً أساسياً و محورياً في نجاح استراتيجية أي منظمة تهدف إلى إيجاد و تعزيز حضور دائم لها بغض النظر عن نشاطاها أو عملياتها أو حجمها ككل. لكن ماذا نعني بالولاء الوظيفي؟
مفهوم الولاء الوظيفي
يشير الولاء الوظيفي إلى العلاقة بين الموظف و صاحب العمل، و يعرف بشكل أدق ب “”عقد مطلق غير مكتوب يوافق فيه صاحب العمل على توفير المواد و المصادر التي يحتاجها الموظف حتى يؤدي وظيفته على أفضل وجه و يقابله موافقة الموظف على العمل بمستوى جيد لتلبية أهداف الشركة” ”, و هذا ما ذكره الدكتور (ديفيد يافتش) المؤلف العالمي الذي له أعمال تدور حول أمور إدارية هامة و مدير شركة (يافيتش أسوسيتس مانيجمنت كونسلتنج فيرم) في مدينة (نيوتاون) في ولاية (ماساتشوستس).
أهمية و فوائد الولاء الوظيفي
لم يكن موضوع الولاء الوظيفي من المواضيع التي تطرقت لها حلقات النقاش قبل 20 أو 30 عاماً حيث كانت غاية “وظيفة مدى الحياة” واقعاً مسلماً به، فكان الموظف يعمل في نفس الشركة حتى تقاعده, لكن ذلك الأمر أصبح شيئاً من الماضي السحيق.
ذكر (بول مكميلان) المدير التحريري لموقع (هارفارد بزنس أون لاين) و الذي يعتبر الوجهة اليومية على الإنترنت لقياديي عالم الأعمال و المختصين في هذا المجال بالإعتماد على تقرير أعدته (ووكر إنفورميشين) أن 36% من العمالة الأمريكية ذكروا أنهم يخططون ترك الشركة التي يعملون بها خلال السنتين القادمتين.
أما فيما يتعلق باليمن, فقد أشارت العديد من الأبحاث و الدراسات تدني الولاء الوظيفي للكثير من الموظفين لدى الكثير من الشركات العاملة في اليمن بسبب تدني الرضا الوظيفي الناجم بدوره عن عدد من الأمور كتدني الرواتب و تقدير جهود العاملين, مما ينعكس سلباً على إنتاجية العاملين و أدائهم و بالتالي على إنتاجية الشركة و ربحيتها.
كما أن نجاح أي مدير أو رئيس فريق عمل يعتمد على العديد من العوامل أهمها مدى قدرته على تعزيز الولاء الوظيفي للطاقم الوظيفي من خلال الاهتمام بالرضا الوظيفي و جعل الموظفين يتماهون مع الثقافة التنظيمية للمنظمة و أهدافها بالطريقة التي تولد شعوراً و إيماناً لدى هؤلاء الموظفين بأن أهداف المنظمة التي يعملون بها هي جزء من أهدافهم و أن نجاحها من نجاحهم و العكس صحيح.
يقول (والت ديزني): “أنت تستطيع أن تحلم و أن تخلق و تبني أكثر الأماكن روعة في العالم، لكن ذلك يتطلب من الناس جعل الحلم حقيقة”
لقد اختلفت الطريقة التي تعمل وفقها أسواق العمل في وقتنا الراهن بشكل كبير عن تلك التي كانت تعمل وفقها الأسواق خلال سنوات “الوظيفة مدى الحياة” بسب الإرتفاع الملحوظ في مستويات المنافسة العالمية و المحلية و الانتشار الواسع المعلومات عبر الإنترنت إلى جانب المرونة العملية و حركات إعادة الهيكلة المتزايدة في الأصعدة الإقتصادية و التنظيمية.
بالإضافة إلى ما سبق، أدى الإنكماش الإقتصادي المتفاقم في اليمن إلى وجود شحة في فرص العمل و أصبحت الخيارات المهنية في البلاد أضيق أفقاً مما جعل من الولاء الوظيفي أمراً يصعب قياسه و التحقق منه, إذ قد يلجأ الكثير من الموظفبن و العاملين إلى الحفاظ على وظائفهم ليس من باب الولاء الوظيفي – ربما – و إنما من باب الإضطرار.
فوائد الولاء الطاقم الوظيفي و كيف يساهم في نجاح الشركة أو فشلها في يومنا هذا؟
يساهم طاقمك الوظيفي في رسم الصورة الذهنية لشركتك أو لك أنت كمدير بشكل يومي من خلال تعاملاتهم مع الزبائن عبر الهاتف, أو شخصياً, أو من خلال تبادل الرسائل الإلكترونية.
غالبًا ما تنعكس الطريقة التي تعامل فيها طاقمك الوظيفي على أسلوب تعامل الموظفين مع عملائك في المقابل. فمثلاً، إذا كان يصدر عن الموظف شعور سلبي عن الشركة التي يعمل بها سيستشعر العملاء هذا مما يدفعهم إلى تغير رأيهم بخصوص عملية بيع مؤكدة أو محتملة.
أما إذا كان الموظف يتمتع بالولاء تجاه الشركة سيعامل العملاء بنزاهة و احترام و يصدر عنه كذلك حماسة و شغف تجاه الشركة التي يعمل بها مما يؤدي إلى توليد شعور مشابه لدى العملاء تجاه شركتك.
أيضاً، يعلم الموظفين الذين يتمتعون بالولاء تجاه الشركة التي يعملون بها أن عملية بيع عميل مختلف في كل مرة عملية غير كافية لتزويد الشركة بربح مستمر، لأنهم يدركون أن إنشاء علاقة طويلة الأمد مع العملاء من خلال تلبية كافة احتياجاتهم و تخطيهم للتوقعات العملاء, و من هنا ينبثق دور الولاء الوظيفي في زيادة حجم المبيعات.
و يجدر الإشارة هنا إلى أن الأمن الوظيفي يعد واحداً من أهم العوامل التي تؤثر إيجاباً في معدلات الولاء لدى الطاقم الوظيفي, إذ على المدير أن يشعر موظفيه بمدى تمسكه بطاقم عمله و أنه لن يتخلى عنهم مهما كانت الظروف الأمر الذي سيعزز الشعور بالأمن الوظيفي لدى الموظفين وبالتالي على إنتاجيتهم و إنتاجية المنظمة على حد سواء.
كما أن هناك علاقة طردية بين كل من الولاء الوظيفي و ثقافة الشركة و الروح المعنوية فيها. حيث أن ارتفاع معدلات الولاء الوظيفي يجنب المدراء و الشركة ككل تكاليفاً و الإرباك الذي قد يتأتّى مع الإعلانات الوظيفية الجديدة, و أتعاب البحث عن موظفين جدد, و الفوضى التي تسببها المقابلات بالإضافة إلى عمليات تأهيل الموظفين و تدريبهم.
مع تعزيز الولاء الوظيفي تصبح الثقافة السائدة في الشركة أكثر ثباتاً حيث سيساعدك ذلك في جني ثمار امتلاكك لطاقم وظيفي مجرب و حقيقي, حيث يصبح الموظفون أيضاً أكثر إدراكاً بقوانين و ثقافة و قيم الشركة كما تزيد معرفتهم ببعضهم البعض و بوظائفهم.
كما أن العمل على زيادة الولاء الوظيفية يسهم في تجنب تأثير التغيرات التي تطرأ على الطاقم و ما تسببه من حالات توتر و عدم اتزان.
مع امتلاكك طاقم وظيفي مخلص لشركتك سترى أنك في المكان الذي تحاول العديد من الشركات جاهدة لتصل إليه.
ما الذي يحفز شعور الولاء تجاه الوظيفة لدى الطاقم الوظيفي؟
معرفة رؤية الشركة: يؤدي مشاركة الإدارة لرؤية و مهمة و تعليمات الشركة و أهم قراراتها مع الموظفين بانتظام إلى مضاعفة شعور الموظفين بأنهم موثوق بهم و امتلاكهم صلة حيوية مع الشركة.
امتلاك حياة مهنية و ليس وظيفة: يشعر الموظفون الذين يعتقدون أن وظيفتهم هي حدث مميز جداً إلى جانب امتلاكهم لمسيرة مهنية مجزية بدافع و التزام أكبر تجاه عملهم و الشركة التي تستثمر في رفاهية موظفيها.
الشعور بأنهم عناصر هامة في مشروع أضخم: بالنسبة إلى (كوربوريت كونكشنز) و هي دورية صادرة عن مكتب العلاقات التجارية في جامعة (إموري) “يعد امتلاك خطة متنوعة للعمل الخيري أداة فاعلة للمحافظة على الموظفين”. كما يعزز شعور الإنتماء إلى شركة لها إلتزام معلوم تجاه مصلحة المجتمع و التي تدرك أنها جزء هام جداً من المجهودات الخيرية المبذولة إلتزام الموظفين نحو وظائفهم و الشركات التي يعملون بها.
الحصول على حزم أجور عادلة في ضوء واجباتهم الوظيفية: قد تكون عدم قدرة النقود شراء الولاء حقيقة و لكن عدم دفع أجور تتماشى مع قيمة الموظف يساعد على تنفيره من الشركة.
الشعور بالتشجيع: يعد امتلاك الموظفين الفرصة في مشاركة أفكارهم و تمتعهم بسلطة أخذ القرارات المتعلقة بعملهم بوظيفتهم بشكل مباشر من الأمور التي تزيد معدلات الرضى و الدافع للعمل لدى الموظفين.
الشعور بتوفر التحدي الإيجابي يومياً: الإيمان في قدرة طاقمك الوظيفي و وضع معايير عالية لهم للسير وفقها يؤدي بشكل أساسي إلى رفع معدلات الدافع للعمل و مضاعفة المشاعر الإيجابية تجاه وظيفتهم.
الحصول على فرص النمو و التدريب المناسبة: عادة ما يبذل الموظفين جهداً أكبر في عملهم عندما يشعرون بقيمتهم بالنسبة للشركة. إذا استثمرت في موظفيك ( عبر عقد البرامج التدريبية و ندوات و جلسات تطوير المواهب…) و لبيت إحتياجاتهم المهنية، ستتولد لهم القابلية في استثمار وظائفهم مما ينتج عنه زيادة في أرباحك و تضاعف في التزام الموظفين نحو وظائفهم.
حصولهم على التقدير و المكافآت عند استدعاء ذلك: يمكن لكلمة تقدير بسيطة صنع المعجزات في نفس الموظف عند قيامه بعمل مميز. إن الشركات التي تكافئ موظفيها بانتظام و تقدّر مساهماتهم في الشركة تنجح في استبعاد واحد من الأسباب الرئيسية المساعدة على ترك الموظفين لوظائفهم.
الإحتفاظ بعلاقات قوية مع الإدارة: لا يتمحور هذا الأمر حول العلاقة مع المدير المباشر بل يتخطاه إلى العلاقة مع أعضاء الإدارة العليا. يشعر الموظفون بالأمن طالما يعرفون أن إنجازاتهم و مساهماتهم تحظى بالتقدير الذي تسترعيه في الأوساط المهمة و طالما يتمتعون بعلاقات قوية و صحية في مكان العمل.
الحفاظ على توازن بين الحياة و العمل: لقد أصبح هذا الأمر من الأمور ذات الأهمية المتزايدة في أماكن العمل الحديثة. تزيد احتمالية ارتفاع الإنتاجية و الدافع للعمل لدى الطواقم الوظيفية العاملة في الشركات التي تشجع نمط الحياة الصحي و فتح المجال للأولويات المختلفة.
و أخيراً و ليس آخراً، لا يعتبر الولاء الوظيفي من الكماليات و لا من ملامح الرفاهية في الشركة بل هو سلعة أساسية في الشركات الحديثة و هو معيار لا يجب التغاضي عنه لخير الشركة.
إن البشرى الحسنة في هذا اليوم تتمثل في كون الشركات أصبحت أكثر دراية بهذا المعيار الهام لخير الشركة حيث بدأت تقيس معدلات الولاء الوظيفي بانتظام و صارت تبادر بوضع الدراسات و البرامج الهدافة إلى تشجيع ولاء الموظفين حتى أمست تمتلك القدرة على الاستفادة من الربحية المتزايدة و معدلات تغير الموظفين المنخفضة بالإضافة إلى معدلات الإنتاجية و الالتزام و الروح المعنوية المتزايدة لدى الموظفين.