في ظل الظروف الحالية التي تشهدها البلاد, يواجه سوق العمل اليمني الكثير من التحديات و المعوقات و التي تجعل من عملية الحصول على الوظيفة المرغوبة و الملائمة عملية صعبة و شائكة, فجميعنا يعلم أن سوق العمل اليمني لا يتمتع بالمثالية, فهناك العديد من العقبات التي تحول دون الحصول على الوظيفة الملائمة في ظل سوق العمل المزدحم بالمنافسة الشديدة و المتنافسين المؤهلين, و الارتفاع المتزايد لمعدل البطالة, و ندرة الوظائف الشاغرة و المناسبة, بالإضافة إلى انخفاض نسبة العدالة فيما يتعلق بالمفاضلة بين المتقدمين و الباحثين عن الوظائف.
كما أن سوق العمل اليمني يعاني من اختلال كبير و انعدام التوازن ما بين العرض (الوظائف الشاغرة) و الطلب (الباحثين عن الوظائف), حيث أن هناك فجوة و هوّة كبيرة ما بين المعروض من الوظائف ذات الانخفاض الحاد من جانب و العمالة المؤهلة المتوافرة في هذا السوق و ذات الارتفاع الكبير نسبياً من جانب آخر. – و التي تعاني أغلبها من البطالة.
و لكن و رغم كل هذه التحديات و المعوقات, فإن هناك العديد من الطرق و الإستراتيجيات التي تسهم في تمكين الباحث عن عمل من وضع موطئ قدم له في سوق العمل, بل و التميز في ظل هذا السوق المحفوف بالمصاعب و المنافسة الشديدة.
و يمكن إجمال هذه الطرائق و الاستراتيجيات كما يلي:
أولاً: الوصول إلى أرباب العمل و التسويق لمهاراتك و مؤهلاتك
يعاني الكثير من الباحثين عن وظيفة من الإحباط كون أن عمليات التقديم للوظيفة التي يقومون بها لا تلقى أي تجاوب من قبل جهات العمل التي يقدمون لها و لأنهم لا يحصلون على فرصة تمكنهم من استعراض مهاراتهم و خبراتهم من خلال استدعائهم لحضور المقابلة الوظيفية أو الخوض في اختبارات المنافسة على الوظيفة التي يقدمون لها. لكن هذا لا يعني الاستسلام لليأس و التوقف عن البحث عن وظيفة فهناك منافذ أخرى يمكننا من خلالها إيصال أصواتنا إلى أصحاب الشأن في جهات العمل المختلفة و التسويق لمهاراتنا و إمكانياتنا, و من بين هذه المنافذ وسائل التواصل الاجتماعي.
يسخّر الكثير من مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي صفحاتهم لأمور ثانوية لا تعود بالنفع عليهم في حياتهم المهنية فيجعلون من صفحاتهم منصة للنكات مثلا, أو سرد قصصهم الشخصية, أو الاكتفاء بمتابعة صفحات الغير و غيرها من الأمور الثانوية.
و لكن ماذا لو أن هؤلاء قاموا بتكريس صفحاتهم لاستعراض مهاراتهم و قدراتهم المهنية.
فإن كنت مهندساً مثلاً, يمكنك أن تجعل من صفحتك منصة للاستشارات الهندسية, و عرض مهاراتك و قدراتك في التصاميم الهندسية من خلال إدراج نماذج من أعمالك بشكل دوري, و كتابة تقارير و مقالات حول مجال الهندسة, و استخراج ما في جعبتك من معلومات هندسية … إلخ.
فقد تصل صفحتك إلى مدير شركة ما, أو عميل يبحث عن مساعدة هندسية, أو مسؤول موارد بشرية في شركة ما و الذين قد يعجبون بمهاراتك و يستدعونك للعمل معهم.
خلاصة القول, اجعل من حسابك أو حساباتك في مواقع التواصل الاجتماعي منصة للتسويق لمهاراتك و مؤهلاتك, بل و اجعل منها أيضا منصة لممارسة ما تعلمته و تطوير مهاراتك.
اجعل صفحاتك في مواقع التواصل الاجتماعي ناطقا رسميا لك و وسيلة لإيصال ما تملكه من مهارات و قدرات و مؤهلات إلى أرباب العمل.
يمكنك أيضا استخدام اليوتيوب و تطوير محتويات ذات علاقة بمؤهلاتك و مهاراتك تفيد المتلقي و تلفت انتباه مسؤولي التوظيف في الشركات إليك.
إن هذا الأسلوب لا يعود عليك بالنفع في حياتك المهنية و حسب, و لا يساعدك فقط في زيادة فرص إيصال صوتك لأرباب العمل, و إنما يجعل منك أيضا عضواً فاعلاً و بارزاً و نافعاً في المجتمع.
ثانياً: اجعل البحث عن وظيفة أولى أولوياتك
يجب أن تجعل عملية البحث عن وظيفة في القمة ضمن سلم أولوياتك, فإن كنت تريد بالفعل زيادة فرص حصولك على الوظيفة المناسبة فيجب أن تجعل من عملية البحث عن وظيفة مهمتك الأساسية, بحيث تخطط لها, و تعطيها جل اهتمامك.
فمن المهم جدا أن تكون لك مهام يومية, و أسبوعية, و شهرية تلتزم بها في إطار البحث عن الوظيفة المناسبة و تحقيق هدفك في هذا الصدد.
على سبيل المثال, يمكن أن تتمثل مهامنا اليومية في زيارة مواقع نشر الوظائف بشكل يومي لاستعراض الوظائف الشاغرة و التقديم للوظائف المعروضة المتناسبة مع مؤهلاتنا, و يمكن أن تكون مهامنا الأسبوعية تقييم مهاراتنا و مؤهلاتنا المهنية, و المهام الشهرية يمكن أن تتمثل في التواصل مع جهات العمل المختلفة و محاولة إقناعهم بمؤهلاتك و خبراتك و مهاراتك.
كما أن هذه المهام يجب أن تشمل أيضا صياغة و تطوير متطلبات و أدوات البحث عن الوظيفة كالسيرة الذاتية, و رسالة التغطية, و تحديد مكامن القوة و الضعف في أدوات التقديم للوظيفة و العمل على تقييم و تحسين نهجك الذي تتبعه في البحث عن الوظيفة الملائمة.
تأكد من أنك تستثمر القدر المناسب من وقتك و طاقتك و جهدك في عملية البحث عن وظيفة, و اجعل من جميع مهامك الحياتية الأخرى مهاماً ثانوية لصالح مهمة البحث عن وظيفة.
ثالثاً: توسيع شبكة علاقاتك و التواصل مع الأشخاص المناسبين
تلعب العلاقات العامة دوراً مهماً في تعزيز فرصك للحصول على الوظيفة المناسبة و إيصالك إلى مسؤولي الموارد البشرية في جهات العمل المختلفة.
كما أن إقامة علاقات مع أولئك الذين تمكنوا من تحقيق نجاح مهني ما يساعدك على الإلمام بكيفية تحسين عملية التقديم للوظيفة, و تلافي الأخطاء الشائعة في هذا الصدد, و بناء سير ذاتية و رسائل تغطية احترافية, بالإضافة إلى الاستفادة من خبراتهم, و تجاربهم, و علاقاتهم, و الاستفادة من نصائحهم.
رابعاً: الإلمام بأكبر قدر ممكن من أسئلة المقابلات
هناك الكثير من المواقع في شبكة الإنترنت التي تعرض نماذجاً لأسئلة المقابلات, كما أن موقع يمن كارير سنتر يحتوي على العديد من المقالات التي تحدثت في هذا الشأن. احرص على استخدام كل هذه الموارد للإلمام بأكبر قدر ممكن من أسئلة المقابلات و كيفية الإجابة عليها الإجابة الصحيحة و ذلك لتعزيز فرصك في الحصول على الوظيفة المناسبة. فسؤال واحد في مقابلة وظيفية ما قد يحول بينك و بين الحصول على الوظيفة إن أنت لم تستعد مسبقا لهذا السؤال و تجيب عليه إجابة صحيحة في ظل المنافسة الشديدة بين المتقدمين للوظائف.
خامساً: عدم اليأس
نعلم أن سوق العمل اليمني لا يتسم بالمثالية و أن عملية الحصول على وظيفة ليس سهل المنال, و لكن لا تدع التوتر و القلق من الوضع الراهن يسيطر عليك و يحول بينك و بين الوصول إلى ما تصبو إليه.
استمر في البحث و التقديم و لابد من أن ترى ثمرة جهدك عاجلا أم آجلا. و تذكّر أن اليأس هو السيف الذي ستقطع به كل جهودك السابقة في البحث عن وظيفة.