أنت مشروع قائم بحد ذاته, و كل مشروع إما أن يكون مشروعا ناجحا أو فاشلا. و كل نجاح أو فشل تقف خلفه جملة أو عدد من الأسباب التي قد تكون إما داخلية يمكن السيطرة عليها و التحكم و التأثير فيها أو خارجية لا يمكن التحكم فيها و يمكن التأثير فيها, و قد يصبح مستحيلا حتى التأثير فيها في بعض الحالات.
كل ما حولنا هو عبارة عن كيان, فالدولة كيان و المنشأة كيان و المجتمع كيان, و كل كيان يعمل ضمن نظام له مدخلات و عمليات (أنشطة) و مخرجات و تغذية راجعة (ملاحظات و آراء الآخر تجاه هذا الكيان). و أنت لست بمعزل عن كل هذا, إذ أنك كيان له مشروع و مشروعك الأول هو أنت الذي تعمل كذلك ضمن نظام. فإن أنت أحسنت إدارة مكونات هذا النظام من مدخلات و عمليات و مخرجات و تغذية راجعة فإنك حينها مشروع ناجح, أما إن أسأت إدارة هذه المكونات فإنك – و للأسف – مشروع فاشل وعليك حينها أن تتخذ الإجراءات المناسبة لتحويل هذا الفشل إلى نجاح.
تحليل الذات
نبرع جميعا في تحليل الآخر و نقده, و لكن قليل منّا من يستطيع – أو بالأصح يجرؤ – على تحليل ذاته و اكتشاف مواطن القوة و الضعف لديه و اقتناص الفرص و تجنب التهديدات التي تفرزها البيئة من حولنا. هل سألت نفسك يوما ما هي نقاط القوة التي عليك أن تحافظ عليها و تطورها لتحقيق النجاح المهني الذي تسعى إليه؟ هل سألت نفسك ما هي نقاط الضعف التي يجب عليك معالجتها و تحويلها إلى نقاط قوة لديك؟ أمّا الفرص و التهديدات فهي – بعكس نقاط القوة و الضعف – تكمن في البيئة الخارجية من حولك و ليست فيك, و الواقع اليمني – كما هو معلوم – يتسم بندرة الفرص و كثرة التهديدات, و لكن الإيجابية هنا لا تكمن في الإكتفاء بالتعرف على التهديدات ثم الإستسلام لها, و لكنها تكمن في القدرة على الحد من هذه التهديدات أو تجنبها. إن الإستسلام للتهديدات لا يعني إلا شيئا واحدا و هو الموت. سيسأل سائل هنا و كيف يمكن تجنب التهديدات التي تعج بها اليمن و تؤثر على مسيرتي المهنية؟
الواقع اليمني – كما هو معلوم – يتسم بندرة الفرص و كثرة التهديدات, و لكن الإيجابية هنا لا تكمن في الإكتفاء بالتعرف على التهديدات ثم الإستسلام لها, و لكنها تكمن في القدرة على الحد من هذه التهديدات أو تجنبها.
هناك قاعدة تقول بأن هنالك علاقة عكسية بين نقاط القوة و التهديدات و علاقة طردية بين نقاط القوة و الفرص أي أنه كلما زادت نقاط القوة كلما تمكنت من تجنب هذه التهديدات أو التقليل من وقعها على أقل تقدير و كلما زادت قدرتك أيضا على إقتناص الفرص القليلة أو النادرة. فمثلاً, يشهد سوق العمل اليمني إنخفاضا شديدا في العرض و إرتفاعا كبيرا في الطلب أي أن عدد الباحثين عن وظيفة أكثر بكثير من عدد الوظائف الشاغرة. قلة الوظائف هي تهديدات تحيط بنا و الوظائف الشاغرة هي فرص نادرة علينا أن نسعى إلى إقتناصها. فقد تكون نقطة ضعفك لغة إنجليزية ضعيفة, أو سيرة ذاتية غير جيدة, أو عدم القدرة على تجاوز المقابلات أو غيرها. اعمل على معالجة نقاط الضعف لديك و حولها إلى نقاط قوة لتتمكن من إقتناص الوظيفة المناسبة.
قد تكون نقطة ضعفك لغة إنجليزية ضعيفة, أو سيرة ذاتية غير جيدة, أو عدم القدرة على تجاوز المقابلات
إنك أمام خيارين إما أن تسلم نفسك للأعذار و التي قد تكون تهديدات موجودة بشكل أو بآخر, كفوبيا الوساطة التي يستخدمها الكثير كمبرر للتوقف و عدم المثابرة و من ثم الإستسلام للفشل, أو عدم الإستسلام و المثابرة و السعي إلى تقليص نقاط الضعف و بناء نقاط القوة و الشجاعة في مواجهة التهديدات. اجعل من التهديدات التي حولك تحديا و حافزا لا عقبة و مبررا للتوقف. و الخيار لك, فأنت إما أن تسابق مع المتسابقين في مضمار الحياة أو أن تعلن الإنسحاب من مضمار السباق و التوقف و هذا يعني أنك – و للأسف – يائس و ضعيف.
تذكّر: كلما عملت على معالجة نقاط الضعف و زيادة نقاط القوة لديك زادت قدرتك على اقتناص الفرص التي قد تكون نادرة.
ماذا لو أن أحدهم أوعز إليك إدارة شركته أو مشروعه و هذا المشروع أو هذه الشركة محفوفة بالتهديدات و قلة الفرص, هل ستكتفي بسرد الأعذار لصاحب المشروع أم ستعمل على تجاوزها لتستمر في وظيفتك. أنت هو ذلك المشروع و مديره و مالكه فانطلق بنفسك و تجاوز التحديات لأجل نفسك لا لشيء آخر.
التوازن
لنجعل الصورة أكثر وضوحا , فإنا سنأخذ المنشاة هنا كأداة للمقاربة بينها و بينك. إن أي منشأة لها أربعة وظائف رئيسية تتمثل في الموارد البشرية, و المالية, و التسويق, و الإنتاج, و كل وظيفة هي إدارة بحد ذاتها. و المنشأة الناجحة هي تلك التي تستطيع أن تشبع كل إدارة بما تحتاجه من وسائل و إمكانات لأداء وظيفتها بكفاءة و إقتدار و إن أهملت وظيفة على حساب وظيفة أخرى, فإن هذه المنشأة ستتسم حينها بعدم التوازن الذي قد يؤدي إلى الفشل. يمكن القول بأنك أيضا تمتلك أربع إدارات أو وظائف رئيسية تتمثل في العقل و الروح والقلب و الجسد, و كل مكون من هذه المكونات يحتاج إلى إشباع و إهتمام و هو ما نسميه هنا بالمدخلات فإن أهملت مكونا من هذه المكونات على حساب الآخر فإنك لا بد و أن تكون غير متزناً, و بالتالي فإنك تسير نحو أن تكون مشروعا فاشلا. فالعقل مدخلاته العلم, و الروح مدخلاته الذكر و العبادة, و القلب مدخلاته الحب, و الجسد مدخلاته الماء و الطعام و الهواء. و إن اهتممت بمكون من هذه المكونات دونما الآخر فأنت في طريقك نحو الإفلاس و الفشل.
إن هذا التوازن هو الطاقة أو الوقود الذي يقودك نحو النجاح. و هنا عليك أن تسأل نفسك “هل أنا متوازن أم لا؟”
إدارة الذات
أنت مدير نفسك فإما أن تكون مديرا ناجحا أو غير ناجح. المدير الناجح هو الذي ينظم نفسه و يرتب أولوياته و يعمل على تحويل نقاط الضعف إلى قوة. و كلما أعطيت مشروعك – الذي هو أنت – وقتا و جهدا و مالا كلما كانت مخرجات هذا المشروع مرضية لك. إكتشف ذاتك و اثبت لنفسك أنك مدير ناجح قادر على الأخذ بنفسك نحو مستقبل مهني عظيم و مثمر.
لا يمكن لأي منا أن يحقق النجاح المهني المنشود إن لم يعمل على إدارة أولوياته و تنظيم وقته و تطوير مهاراته. فمثلا إن أردت أن تحقق نجاحا مهنيا في مجال المحاسبة فعليك أن تقسم وقتك هنا ما بين إكتساب مهارات جديدة من خلال الممارسة والتدريب, و تطوير معارفك في هذا المجال من خلال الحصول على شهادات إضافية, و التقديم لوظائف في هذا المجال لرسم المسار المهني المستقبلي.
إن تحقيق النجاح المهني المنشود ليس بالأمر السهل و هو في ذات الوقت ليس بالأمر المستحيل إذا ما عملنا على وضع الخطة المناسبة و تطوير مهاراتنا و معارفنا و قدراتنا و الإتسام بالتحدي و عدم اليأس.
للإطلاع على مقال آخر عن كيفية رسم أهداف مهنية فعالة:
كيف نضع أهدافاً لتطوير مساراتنا المهنية