تكاد لا تخلو أي مقابلة وظيفية من هذين السؤالين الهامين و التي قد تبدو الإجابة عنهما في غاية السهولة لدى البعض و قد لا تكون كذلك بالنسبة لآخرين. و لكن مربط الفرس هنا لا يكمن في مدى سهولة أو صعوبة هذين السؤالين و إنما في القدرة على الإجابة المناسبة لهما.
إن هذان السؤالان هما ” ما هي أكبر نقطة قوة بالنسبة إليك؟” و “ما هي أكبر نقطة ضعف بالنسبة إليك؟” لا يمكن القول بأن الإجابة عن هذين السؤالين يمكن إستنساخهما من موقع إلكتروني ما أو كتاب هنا أو هناك, إذ أن أفضل ما يمكن أن تقدمه هذه المصادر هو كيفية الإجابة عن هذين السؤالين و ليس الإجابة ذاتها, حيث أن محتوى الإجابة عن هذين السؤالين يختلف باختلاف عوامل عديدة و هي نوع الوظيفة المتقدَّم لها, و شروطها, و متطلباتها, و طبيعة عمل المنظمة و عوامل أخرى كالهدف الحقيقي من وراء طرح مثل هكذا سؤالين.
قد يحتفظ الكثير بإجابتين ثابتتين يستخدمونها في كل مقابلة و اللتان قد تكونان سببا في عدم تجاوزهم لهذه المقابلة دونما علم أن هاتين الإجابتين اللتان قد لا تكونا مناسبتين هما وراء الفشل المتكرر في المقابلات. و بالتالي, فإن أول خطوة يجب عليك أن تقوم بها في هذا الصدد هو النظر في إجابتك لهذين السؤالين و التأكد من أنهما ليسا العائق الحقيقي الذي يقف دون نجاحك في المقابلة و ذلك من خلال إستيعاب النصائح التي سنسردها في هذا المقال و من ثم إسقاطها على إجابتيك.
بالطبع, إن إجابتك عن هذين السؤالين فيما لو كنت محاسبا ستختلف عما إذا كنت مسوقا, و ستختلف كذلك فيما لو كنت مترجما أو إداريا أو مبرمجا أو غير ذلك, كما أنها ستختلف إذا ما كانت منظمة إنسانية أو شركة تجارية أو بنكا أو حتى فيما إذا كانت محلية أو دولية.
و سوف يتم التطرق إلى هذه العوامل المذكورة أعلاه و كيفية أخذها في الحسبان في خضم حديثنا عن الأخطاء الشائعة التي يقع فيها البعض إن لم يكن الكثير عند الإجابة عن هذين السؤالين. إن من أهم الأخطاء الشائعة هي محاولة إيحاء من يجرون المقابلة معك بأنك لا تمتلك أي نقطة ضعف. لا أعني هنا أن فينا من قد يجيب ب ” أنا ليس لدي نقطة ضعف” لإن هذه الإجابة غير واردة على الإطلاق و معروف لدى الجميع أنها خطأ قاتل ناهيك على أنها تجعلك تبدو شخصا نرجسيا و هذه شخصية يتحاشى التعامل معها أي إنسان, إن ما أعنيه هنا هو إجابات تتسم بالمراوغة و تجعل إجابتك تبدو و كأنها هي ذاتها “أنا لا أعاني من أي نقطة ضعف” حتى و إن اختلفت في المحتوى.
إن الإجابات من قبيل “نقطة ضعفي هي حبي الشديد للعمل” أو “إني متسامح بشكل كبير” أو “عدم قدرتي على نقد الآخرين” و مثيلاتها من الإجابات التي قد توحي لمن أمامك أنك تريد القول بأنك لا تمتلك نقطة ضعف قد تستفز من أمامك و تجعلك تبدو شخصا نرجسيا.
و في المقابل, من الخطأ الكبير أن تجعل إجابتك حول نقطة الضعف متعلقة بصميم تخصصك و مجالك أو أنها قد تكون حجر عثرة أمام قيامك بالمهام الأساسية في الوظيفة, فليس من الحكمة إن كنت مبرمجا و متقدما لهذه الوظيفة أن تقول إن نقطة ضعفك تكمن في التعامل مع نظم المعلومات الحديثة أو البرامج التطبيقية لإن هذا سيعطي إنطباعا لمن أمامك بأنك لست الشخص المناسب لهذه الوظيفة.
إن الهدف الرئيس من السؤال حول نقطة ضعفك هو التعرف على مدى قدرتك على تحليل ذاتك و عملك على تطوير نفسك و فيما لو كنت شخصا متغطرسا أم لا, و لذلك يجب أن تكون إجابتك منطقية و بذات الوقت لا توحي بأنك تعاني من قصور يحول دون قيامك بواجباتك الأساسية. و عند الإجابة على مثل هذا السؤال فإنك لا بد و أن تختتمها بحلول عملية لنقطة الضعف التي لديك لتعطي إنطباعا لمن يجرون المقابلة معك بأنك تعمل على تطوير ذاتك ومهاراتك و أنك قادر على إيجاد الحلول.
إن كانت الإجابة عن نقطة الضعف لديك يجب ألا تكون في صميم مجالك و مهامك الأساسية, فإن الأمر معاكسا تماما عندما يتعلق بالإجابة عن نقاط القوة, إذ يجب أن تكون إجابتك متعلقة بالغرض من وجودك لدى المنظمة التي ستعمل لديها, فمثلا إن كنت ستقدم على وظيفة مسؤول علاقات عامة فيجب أن تكون إجابتك عن نقطة قوتك تشمل المهارة الأساسية المطلوبة للقيام بهذه الوظيفة على أتم وجه كأن تقول ” نقطة قوتي تتمثل في قدرتي على إقامة علاقات قوية و دائمة بمن حولي …”
كغيرها من العوامل الأخرى, فإن العامل المتمثل بطبيعة عمل المنظمة التي تود أن تعمل لديها يجب عدم إغفاله عند التحضير لإجابتيك عن نقطة القوة و الضعف لديك, حيث أن نقاط القوة المتعلقة بمنظمة إنسانية ستختلف حتما عما إذا كنت ستقدم لبنك مثلا حتى و إن كنت ستقدم لنفس الوظيفة. فالعمل لدى منظمة إنسانية يتطلب منك القدرة على التأقلم مع الوضع الأمني المتدهور في اليمن مثلا و قدرتك على المساهمة في تعزيز السمعة الإنسانية و المجتمعية للمنظمة, على العكس من العمل مع البنك الذي سيحرص القائمين عليه من التأكد من أن المتقدم للوظيفة لديهم سيكون عضوا فاعلا في المساهمة في زيادة الربحية لديها. و بالتالي, يجب أخذ مثل هكذا أمور في الحسبان.
بالإضافة إلى أن العمل لدى منظمة دولية يتطلب منك القدرة على التعامل مع الثقافات الأخرى و الإنسجام مع زملاء عمل من جنسيات أخرى, و التي قد تقل أهمية هذه الميزة لدى الشركات المحلية.
إن إجابتك عن هذين السؤالين يجب أن تعكس في كل الأحوال مدى قدرتك على التأقلم في بيئة العمل الجديد, و مدى قدرتك أيضا على مواجهات التحديات و القدرة على العمل تحت ظروف صعبة و في ظل ضغوط عمل محتملة, بالإضافة إلى قدرتك على التفكير التحليلي و عملك على تطوير مهاراتك و قدراتك و إنسجامك مع ثقافة العمل لدى المنظمة التي ستعمل لديها. و قبل ذلك كله, قدرتك على توظيف مهاراتك و قدراتك و خبراتك في زيادة إنتاجية المنظمة التي ستعمل لديها.