إن هذا السؤال هو واحد من أكثر الأسئلة شيوعا ً في المقابلات الوظيفية, و لهذا السؤال مغزى يسعى لاكتشافه أولئك المحاورين الذين يجرون المقابلة معك, إذ أنهم يسعون من خلال هذا السؤال التأكد من مدى تناسبك مع ثقافة الشركة و بيئة العمل هناك.
فأصحاب العمل يهمهم كثيرا ً تناسب و تماهي موظفيهم مع الثقافة التنظيمية في منظمتهم – سواءً أكانت منظمات أعمال كالشركات و المؤسسات أو كانت منظمات الإنسانية – و بالتالي فإنك و عند الإجابة على هذا السؤال يجب أن تحرص على أن تكون إجابتك محل إهتمام المحاورين و مسؤولي الموارد البشرية و أنها – أي الإجابة – سوف تعكس مدى تماهي شخصيتك مع الجو العام لمكان العمل و مع الحد الأدنى من أخلاقيات و ثقافة العمل التي يحرص أصحاب العمل أن تكون متوافرة في جميع الطاقم العامل لديهم.
و وفقا لآراء عدد من الخبراء و المختصين في مجال التوظيف و الموارد البشرية في اليمن و خارجها, فإن التناسب الموظفين أو الرشحين لشغل الوظائف الشاغرة مع الثقافة التنظيمية للمنظمات, و بيئة و اخلاقيات العمل لديها هي من أهم أسس التقييم التي تُبنى عليها قرارات قبول المرشح لنيل الوظيفة من عدمه.
و قبل الولوج إلى صلب موضوع مقالنا حول كيفية الإجابة عن هذا السؤال الهام و المتعلق ببيئة العمل المثالية, فإنّا أولاً لابد و أن نتعرف على معنى ثلاثة مفاهيم أساسية و المتمثلة بكل من بيئة العمل, و الثقافة التنظيمية و أخلاقيات العمل باعتبارها المحاور الأساسية التي سنحتاج إلى فهمها للوصول إلى صياغة و إعداد الإجابة الصحيحة لهذا السؤال المهم و التي ستختلف حتما باختلاف نوع الوظيفة, و مسمّاها, وطبيعة عمل المنظمة التي ستُجرى فيها المقابلة.
و نقصد بالمنظمة هنا أي منظومة عمل تقدم وظائف شاغرة سواء أكانت منظمات أعمال كالمؤسسات و الشركات أو المنظمات العاملة في المجال الإنساني.
أولاً: الثقافة التنظيمية
يُقصد بالثقافة التنظيمية القيم و المبادئ المشتركة بين العاملين و التي توجه سلوكهم في اتجاه معين في بيئة العمل.
و هذه القيم قد تكون غير مكتوبة لدى بعض المنظمات و قد تكون مكتوبة لدى منظمات أخرى, إذ أن هناك منظمات تقوم بكتابة مبادئها الأساسية في العمل ضمن ميثاق (CHARTER) معين و تقوم بتحميله على موقعها الرسمي على الإنترنت.
و الثقافة التنظيمية بما تحتويه من قيم و مبادئ محددة هي التي تحكم سلوكيات العاملين في المنظمة و تعاملهم تجاه بعضهم البعض و تجاه العملاء, بالإضافة إلى الطريقة التي تُنجز بها المهام.
و وفقاً للكثير من الدراسات و البحوث في مجال الموارد البشرية, فإن هناك تأثير قوي و مباشر – إلى جانب عوامل أخرى – للثقافة التنظيمية على سلوكيات و أداء الأفراد العاملين, بالإضافة إلى علاقاتهم مع رؤسائهم و مرؤوسيهم و زملاء العمل ناهيك عن العملاء.
ثانياً: بيئة العمل
تشير بيئة العمل إلى كل من له علاقة بمكان أو موقع العمل سواء من الناحية المادية كالمبنى, و المكتب و ما يحتويه من أدوات و عاملين, و التهوية, و مستوى الضوضاء, و المقصف, و موقف السيارات و غيرها, او من الناحية المعنوية كالميزات المقدمة للعاملين من رعاية, و تدريب و تأهيل و غيرها.
و هناك – و فقاً للكثير من الدراسات و البحوث المتعلقة بالموارد البشرية – علاقة قوية بين بيئة العمل و إنتاجية العاملين, و رضا العملاء, و الربحية, و الروح المعنوية للعاملين. كما أن هناك علاقة ما بين بيئة العمل و الثقافة التنظيمية.
ثالثاً: أخلاقيات العمل
تعد أخلاقيات العمل جزءاً من الثقافة التنظيمية و تشمل القيم و السلوكيات التي يلتزم بها الأفراد العاملين كالصدق, و الأمانة, و الإخلاص للعمل و غيرها.
و تولي المنظمات أهمية كبرى لهذه المفاهيم الثلاثة الآنفة الذكر, و عند اختيار و تقييم المتقدمين لشغل الوظائف الشاغرة فإن إدارات الموارد البشرية أو أقسام التوظيف تأخذ هذه المفاهيم في الحسبان لقياس و تقييم مدى تماهي و تناسب هؤلاء المرشحين أو المتنافسين لشغل الوظيفة الشاغرة مع كل من الثقافة التنظيمية, و بيئة و أخلاقيات العمل لديها.
و من أهم الإجراءات التي يقوم بها مسؤولو الموارد البشرية و رؤساء العمل لقياس هذا التناسب هي الأسئلة الموجهة في المقابلات الوظيفية, و من أهم هذه الأسئلة في هذا الصدد هو السؤال المتمثل بعنوان مقالتنا ” ما هي بيئة العمل المثالية بالنسبة إليك؟
و بالتالي, فإنه و عند الإجابة عن هذا السؤال يجب أن نتأكد من أن إجابتنا ستعكس مدى تماهينا و ملائمتنا لثقافة المنظمة التي سنعمل لديها, و بيئة و أخلاقيات العمل لديها.
لن نبالغ إن قلنا بأن قبولك لشغل الوظيفة الشاغرة من عدمه يعتمد كلياً – أو جُلّه على أقل تقدير – على مدى تناسبك مع ثقافة المنظمة, و أخلاقيات و بيئة العمل لديها في أعين محاوريك الذين يديرون المقابلة الوظيفية معك.
و ستتكشف شخصيتك المتعلقة بهذا الجانب بشكل كبير من خلال الإجابة على هذا السؤال الإجابة الصحيحة و المناسبة.
و لكن, ما هي الإجراءات العملية التي يجب أن نقوم بها لتحضير و إعداد الإجابة المناسبة عن هذا السؤال؟
إن الإجابة عن هذا السؤال ستختلف – بلا أدنى شك – باختلاف كل من نوع الوظيفة و طبيعة عمل المنظمة التي ستجري المقابلة معك.
و لكن, للتأكد من صياغة الإجابة الصحيحة و المناسبة لهذا السؤال فإن أول خطوة ينبغي علينا القيام بها هي البحث و الإطلاع على ثقافة المنظمة و مبادئها من خلال زيارة موقعها الرسمي على الإنترنت, أو من خلال التصريحات الصحفية للمنظمة, أو حساب المنظمة على مواقع التواصل الإجتماعي, , أو من خلال الوصف الوظيفي المكتوب ضمن الإعلان الوظيفي عن الوظيفة الشاغرة, أو من خلال علاقاتك المحتملة مع بعض الموظفين – الذين عملوا أو ما زالوا يعملون لدى المنظمة التي تسعى للعمل لديها.
نموذج للإجابة عن هذا السؤال
إن تبين من خلال بحثك أن أفضل إجابة تتناسب مع ثقافة المنظمة, و أدبياتها, و بيئة و أخلاقيات العمل لديها هي مثلاً البيئة التعاونية, فإنه يمكنك صياغة إجابتك كالتالي:
إن بيئة العمل المثالية بالنسبة لي هي تلك البيئة التي تتسم بالتعاونية و يمتلك موظفوها روح الفريق الواحد. و من خلال بحثي و اطلاعي على مبادئ و ثقافة منظمتكم, تبيّن لي أن منظمتكم تفتخر بكونها تمتلك بيئة عمل تعاونية, حيث يعمل موظفيها جنباً إلى جنب متحلين بروح الفريق الواحد. و أنا في الحقيقة أنسجم مع هذا النوع من بيئة العمل.
نموذج الإجابة بالإنجليزية:
To me, the ideal work environment is that cooperative environment that includes a staff with team spirit. From doing a search on your organization’s principles, I discovered that your organization prides itself on having a family atmosphere, where peers work closely together as part of a team. I thrive in those kinds of environments.