إن كلمة “لا” هي الكلمة الأصعب التي يمكن قولها في العمل, حيث أن أي شخص يُتوقع منه أن يقول “نعم” بشكل دائم , خاصة الموظفين الذين يجب أن يبذلوا قصارى جهدهم لإنجاز الأعمال و المهام الموكلة إليهم و ألا يرفضوا الأوامر الصادرة إليهم.
و رغم أن كلمة “لا” في العمل تعد كلمة صعبة, إلا أنه قد تحتاج يوماً ما إلى استخدامها, و لكن كيف يمكن قول هذه الكلمة بطريقة تجعلنا معها نكسب إحترام رؤساء و زملاء العمل تماما كما نفعل عندما نقول “نعم” أو “حاضر”؟
من الأهمية بمكان أن يضع الموظف حدوداً ما في العمل لضمان عدم تحميله أعباء أكبر من طاقاته و قدراته و للحفاظ على التوازن ما بين متطلبات العمل و متطلبات الحياة.
فعندما يكون لديك سبب وجيه في قول “لا”, فإن هذا الرفض لا بدّ و أن يحظى بإحترام المدير و أعضاء فريق العمل أكثر مما قد يضايقهم, و ذلك إذا ما قيلت بطريقة مهذبة و منطقية.
إن الطريقة التي نستخدم فيها هذه الكلمة قد تختلف باختلاف الشخص الذي سنقولها له و موقعه في العمل, فمثلاً كلمة “لا” التي قد توجهها لأحد زملائك في العمل ستختلف تماماً عن ذات الكلمة عندما تقوم بتوجيهها لرئيسك في العمل, ستختلف من حيث الطريقة و الأسلوب.
المدير
يمتلك الكثير منا الخوف من قول كلمة “لا” للمدير أو أحد كبار الموظفين, و لكن ما ينبغي ان نعلمه هنا هو أن المدير الناجح و الكفؤ هو ذلك المدير الذي يسعى للتأكد من أن فريق عمله يتمتع بالسعادة و القدرة و الإستعداد على إنجاز المهام بشكل أكثر إنتاجية و فاعلية.
فإذا طلب منك أحد المديرين تنفيذ مشروع أو مهمة إضافية و كنت في نفس الوقت تعمل على إنجاز مهام و أعمال أخرى بحيث لن تجد وقتاً إضافياً لإنجاز المهمة الجديدة التي كُلفت بها, فمن المهم في هذه الحالة أن تكون صادقا ً معهم بشأن قدرتك على التعامل مع هذه المهام الإضافية.
في هذه الحالة, يمكنك القول مثلاً بأنك ترغب حقاً في تنفيذ هذه المهمة الإضافية, و لكنك تعمل حالياً على أ, و ب, و ج من المهام و التي يجب إكمالها في أقرب وقت, و لكنك ستكون قادراً على إنجاز المهمة الجديدة بعد ثلاثة أيام مثلاً.
في هذه الحالة أنت قلت “لا” و لكن بطريقة مهذبة و منطقية, حيث أن هذا الرد يثبت أنك على استعداد لتولي المهمة, و لكن هناك ما يعوق القيام بها في الوقت الراهن بسبب مهام أخرى هي لصالح العمل أيضاً, كما أن هذا الرد يظهر لمديرك بأنك تمتلك القدرة على تحديد أولويات العمل.
زملاء العمل
قد نواجه موقفاً ما في العمل يطلب فيه منا أحد زملاء العمل القيام بمهمة هي ليست من مسؤولياتنا, و قد يكون ذلك بسبب جدولهم المزدحم و الممتلئ بالمهام بحيث يحتاجون إلى دعم ما, أو أنهم قد يكونون من أولئك الأشخاص الذين يتهربون من مسؤولياتهم و يلجؤون إلى تحميلها لغيرهم.
في الحالة الأولى سيكون من المهم جدا أن تقوم بتقديم المساعدة و دعم زميل العمل إن كنت تمتلك وقتاً كافياً وقدرة للقيام بذلك حتى إن لم تكن تلك المهمة في نطاق اختصاصك, فقد تحتاج يوماً ما إلى مساعدة و دعم من هذا الزميل في يوم من الأيام و الذي – بلا شك – لن يتأخر عندها لمساعدتك و رد الجميل. لكن إن كنت تشعر أن زميلك في العمل هو من النوع الآخر و أنه يريد استغلالك فستحتاج حينها إلى أن ترفض هذا الطلب كأن تقول أنا مشغول جداً, أو أن مهاراتك و خبرتك لا تسمح لك القيام بالمهمة التي أوكلها إليك.
العملاء
للعملاء مكانة خاصة و حساسة, إذ أن الشركة برمتها تقوم على أساس إرضاء العملاء و خدمتهم, و بالتالي قد تكون كلمة “لا” هي الأصعب على الإطلاق في نطاق العمل, فوجود الشركة التي تعمل بها و استمراريتها و بالتالي وجودك في الشركة و استمراريتك يعتمد على إقبال العملاء و رضاهم. و لكنا قد نحتاج أحياناً إلى استخدام هذه الكلمة معهم و ذلك في حال كانت طلباتهم غير معقولة, أو غير منطقية, أو لا يمكن القيام بها, أو أنها تتطلب اتباع استراتيجية ما تعلم أنت أنها غير ناجحة على الإطلاق.
إذا طلب منك العميل القيام بتنفيذ شيئاً ما غير منطقي أو ترى أنت أنه من غير المفيد القيام به. فعليك في هذه الحالة أن تسمح أولاً للعميل بأن يقدم ما لديه و أن يكمل جملته, حيث أنه ليس من الجيد مقاطعته فوراً بقول كلمة “لا”, فليس من الجدير بك أن ترد ردا تشعره من خلاله بأن طلبه أو اقتراحه كان غبياً, بل علينا في هذه الحالة أن نعطي للعميل ردا ينطوي على نقاط منطقية و واضحة تبين سبب عدم إمكانية القيام بتنفيذ طلبه.
أما إن طلب العميل منك القيام بعمل يتجاوز حدود التكلفة في إطار ما دفعه لك, ففي هذه الحالة علينا أن نكون صادقين معه و أن نخبره أن طلبه خارج نطاق العمل المتفق عليه كأن تقول له “يسعدنا أن نلبي لك هذا الطلب متى ما أردت, و لكن سيكون ذلك بتكلفة إضافية”. و هذا يحدد بوضوح حدود العميل, حيث أنك قلت “لا” و لكن بطريقة مهذبة و منطقية و غير مباشرة.
إن قول “لا” في مكان العمل ليس سهلاً على الإطلاق, و لكن باتباع الأساليب المذكورة أعلاه يمكنك رفض مهمة, أو طلباً, أو فكرة بنجاح دون أن تبدو غير مهذباً أو غير مسؤولاً. و من الممكن أن تكون كلمة “لا” فعالة للغاية لإنها تتيح لك رسم حدود العمل الضرورية و الحفاظ عليها مع الزملاء و العملاء, و الذين سيحترمونك بدورهم.