كما هو معلوم فإن سنوات الخبرة تعد من أهم النقاط التي تعتمد عليها المنظمات للمفاضلة بين المتقدمين لأي وظيفة من الوظائف. و في الوقت ذاته, يمثل هذا الشرط عائقا و مشكلا شائكا للكثير من المتقدمين و خصوصا حديثي التخرج.
يصدم الكثير من مريدي العمل من الخريجين أو أولئك الذين لا يمتلكون الخبرات الكافية في وضع المنظمات الخبرات كشرط أساسي للقبول و الحصول على الوظيفة. و سنحاول من خلال هذا المقال الإسهام في مساعدة مثل هؤلاء في كيفية التغلب على هذه المشكلة و ذلك من خلال عدد من الطرائق العملية.
و من بين هذه الطرائق إن لم تكن أولها هو ما نسميها إستراتيجية التدرج. و نعني بإستراتيجية التدرج هو أن تسلك مسلكا مهنيا متدرجا و تصاعديا, إذ تبدأ من أقل مستوى متاح ثم التدرج وصولا إلى المبتغى.
يجعل الطموح الجارف الكثيرين يهرعون للتقديم لوظائف تتطلب سنوات خبرة في الوقت الذي قد لا يملكون فيه أي سنة خبرة. و ننصح مثل هؤلاء بأن يبدأوا بالبحث عن عمل صغير قد يحتقرونه باعتباره بابا لابد من المرور من خلاله مقابل الحصول على أول سنة خبرة مهنية بحيث يتمكنون الإنطلاق منه كأساس للإنتقال إلى وظيفة ذي مستوى أعلى و هكذا حتى يمتلك سنوات لا بأس بها يستطيع من خلالها أن يقدم لوظائف جيدة نوعا ما و ينافس عليها.
فمثلا قد تكون حصلت للتو على بكالوريوس محاسبة و تحلم بأن تصبح محاسبا لشركة أو منظمة جيدة, و لكنك تواجه عائقا يتمثل في عدم إمتلاكك أي خبرة عملية, ففي هذه الحالة عليك أن تتبع إستراتيجية التدرج كما ذكرنا آنفا فتقبل بوظيفة محاسب لدى محل تجاري غير معروف مثلا يعتمد في إجراءاته المحاسبية على نظام محاسبي كيمن سوفت مثلا و قد يكون الراتب الذي يقدمه هذا المحل غير مجدي. هنا عليك ألا تتردد و ترضى بهذه الوظيفة التي قد تعتبرها ظلما في حقك و ذلك مقابل الحصول على أول خبرة عملية, ثم بعد سنة تبدأ بالتقديم لوظيفة أخرى أفضل حيث تتطلب هذه الوظيفة على سبيل المثال سنة خبرة عمل و التي حصلت عليها بسبب تضحيتك في عمل كنت تراه دون مستواك و عائده مجحفا. و بعد عملك في الوظيفة الثانية لسنة أو سنتين تبدأ بالتخطيط للإنتقال لوظيفة أخرى أفضل لإنك أصبحت تمتلك خبرة مهنية لمدة ثلاث سنوات على الأقل و صار بإمكانك التقديم لوظيفة جيدة.
قد يقول البعض بأنه حتى الحصول على وظيفة صغيرة جدا في مجال تخصصي أصبح صعبا, و في هذه الحالة ننصح مثل هؤلاء باتباع سياسة أخرى سنطلق عليها “الجهد مقابل الخبرة” إذ عليك أن تقدم نفسك لأماكن عمل كمتطوع في مجال تخصصك و ذلك بهدف الحصول على خبرة. و يجب أن تتجاهل في هذه المرحلة المردود المالي من أجل أن تحصل على أول سنة خبرة و اعتبر عملك معهم كسنة جامعية خامسة تتيح لك الوصول إلى وظيفة أخرى بمقابل مالي ثم المنافسة على الوظيفة التي ترى أنك تستحقها.
و في هذا الصدد فإن هنالك منظمات تبحث عن متطوعين و يمكنك الإستفادة من مثل هكذا إعلانات وظيفية و العمل على اقتناصها دون التركيز على أي مردود مالي حاليا كفترة إنتقالية. أو يمكنك طرق أماكن العمل عارضا عليهم العمل معهم دون مقابل للحصول على أول سنة خبرة إلا ما يعينك على استقلال وسيلة اتصال للوصول إلى مكان العمل واضعا نصب عينيك “الجهد مقابل الخبرة.”
بعض وظائف التطوع يتم إعلانها على موقع يمن إتش آر (YemenHR) و البعض قد يكون الحصول عليها أسهل عبر التواصل المباشر مع المنظمات أو الشركات.
نعلم أن مثل هذه البدايات تزعج الكثيرين و قد يرونها إستغلالا أو إنتقاصا من مكانتهم و هذه نظرة سلبية و غير مجدية علينا أن نتجاوزها و ننظر إليها نظرة إيجابية باعتبارها تكتيكا مرحليا أو تضحية مقابل الحصول على أول سنة خبرة في مجال تخصصك. اشترِ أول سنة خبرة مقابل العمل كمتطوع أو متدرب سمّها ما شئت و لكنها خطوة لابد منها إن كنت تخطط لمستقبل مهني أفضل و لصنع مسارك المهني الذي ستصل من خلاله إلى مبتغاك.
نأمل أنك قد عرفت كيفية تجاوز عائق الخبرة التي تشترطها الجهات الموظفة و بدأت للتو في التخطيط لمسارك المهني و عبور أول درجة في السلم.
لعل هناك نصائح أخرى في هذه الصدد, و لكن ما ذكرناه من نصائح في هذا المقال كان من أهم النقاط التي لامسناها من واقع التجربة و الخبرة في هذا المجال و التي نأمل أن تستفيد منها.
تذكر أنه يترتب علينا أحيانا أن ننحني من أجل أن نتجاوز خطر العاصفة.