الرئيسيةتطوير مهنيالأداء بين التقييم و التقويم

عند الحديث عن التقييم فإن أول ما يتبادر إلى الذهن هو ذلك الفعل الذي يقوم به الرئيس تجاه مرؤوسيه, و قد أصدرت الكثير من المقالات و البحوث العلمية التي تتناول التقييم من هذا المنظور – أي ممارسة التقييم من الأعلى إلى الأسفل. و لكنا في هذا المقال سنتناول هذا المفهوم من جانب آخر ألا و هو التقييم الذاتي للأداء و العمل على تقويمه إن لزم الأمر.

و قبل التعرف على كيفية التقييم الذاتي للأداء و تقويمه, فإنا يجب علينا أولا أن نتعرف على معنى التقييم و على الفرق بينه و بين التقويم.

إن التقييم يعني الوقوف على الأداء و تحليله للتعرف على ما إذا كان أداؤنا يسير نحن الإتجاه الصحيح أم لا, و ذلك من خلال المقارنة بين الأداء الفعلي و الأداء المتوقع, بينما التقويم يعد خطوة تالية بعد عملية التقييم و يعني تحسين الأداء و تعديله.

إن التقييم الوظيفي – باعتباره جزءا و أداة من أدوات التطوير الوظيفي – هو في حقيقة الأمر المسطرة التي نقيس من خلاله مدى إستقامة النهج الذي نسلكه. و عند التزامنا بعملية التقييم فإنا سنضمن اكتشاف القصور أو الأخطاء قبل حدوثها و العمل على تجنب الوقوع فيها.  و لا بد من أن يتصف التقييم بالإستمرارية و الديمومة حتى يحقق النتائج المرجوّة و يكون أكثر فاعلية و كفاءةٍ.

و لكن كيف يمكن لنا أن نقوم بعملية التقييم الذاتي لأدائنا و من ثم تقويمه؟

لا يمكننا القيام بهذه العملية الهامة دون وضع معايير مسبقة و واضحة تبين لنا ما هو الصواب و ما هو الخطأ, و ذلك ليتسنى لنا استخدامها للمقارنة بين الأداء الفعلي و الأداء المتوقع و هو المعنى الجوهري و الأساس لعملية التقييم. فعلى سبيل المثال إن كان هدفنا هو تطوير مستوانا الوظيفي بنسبة 50% خلال العامين القادمين, فإن المعايير التي سنضعها لنا كخطوات عملية لتحقيق هذا الهدف هي على سبيل المثال:

  1. تحسين لغتنا الإنجليزية و ذلك من خلال حفظ خمس كلمات يوميا ليكون مجموع مفرداتنا اللغوية 3600 كلمة خلال العامين القادمين.
  2. قراءة خمس صفحات يوميا في مجال تخصصنا بحيث يصبح مجموع ما قرأناه 3600 صفحة خلال العامين القادمين لتنمية المعرفة لدينا في مجال التخصص.
  3. ممارسة و تطبيق ما تعلمناه لمدة ساعة يوميا ليصبح مجموع ما مارسناه 720 ساعة تطبيقية خلال العامين القادمين و ذلك لتنمية مهاراتنا في مجال تخصصنا.

إن المعايير التي ذكرناها آنفا هي التي سنستخدمها في تقييم أدائنا و المقارنة بينها – باعتبارها أداء متوقعا لبلوغ الهدف – و بين أداءنا الفعلي و الحقيقي, حيث ينبغي الرجوع إلى هذه المعايير بشكل شهري للتأكد من أنا نسير نحو الإتجاه الصحيح الذي رسمناه لأنفسنا أم لا. فإن تبين لك نهاية الشهر الأول مثلا أنك لم تحفظ إلا 75 كلمة خلال الشهر و ليس 150 كما هو مخطط, و لم تقرأ إلا 75 صفحة خلال الشهر بدلا من المعدل المخطط له و هو 150 صفحة شهريا, و تبين لك أيضا عند المقارنة أنك لم تمارس إلا 15 ساعة في الشهر و ليس 30 ساعة, فإن نتيجة تقييم الأداء هنا هي 50% و هو مستوى ضعيف, و هنا يأتي دور تقويم هذا الأداء و تعديله و تحسينه كأن تقرر مثلا مضاعفة ما هو مخطط للشهر التالي لتعويض القصور الذي حدث خلال الشهر السابق.

تذكر: يجب أن تقوم بتقييم أدائك كل شهر على الأقل لتعمل على تصحيح المسار نحو تحقيق الهدف.

إن التطوير الذاتي و التقييم الذاتي مسلكان متلازمان, إذ لا يمكننا تطوير ذواتنا بشكل صحيح و بأقل أخطاء ممكنة دون الإلتزام بعملية التقييم الذاتي المستمر و المستدام. و يجب الإشارة هنا إلى أنه كلما التزمنا بعملية التقييم كلما قلت الأخطاء التي سنرتكبها أثناء المضي نحو تحقيق الهدف, و زادت قدرتنا على تلافي هذه الأخطاء و قلت كذلك التكاليف المعنوية و المادية التي قد نتحملها. بالإضافة إلى أن عملية التقييم تمكننا من الوصول إلى الهدف في الوقت الذي حددناه.

و في الأخير يمكننا القول بأن عملية التقييم الذاتي هي المحفز نحو بلوغ الهدف و الخطوة الهامة التي تجعل من عملية تحقيق الهدف أمرا ممكنا.