يشير الذكاء العاطفي إلى قدرة الشخص على التعرف على العواطف و فهمها و إدارتها. إنها القدرة على التواصل مع الآخرين بكفاءة. و لا يعد الذكاء العاطفي محط اهتمام علم النفس فقط بل يتعداه إلى عالم الأعمال.
مصطلح الذكاء العاطفي صاغه علماء النفس في التسعينات, و لكن سرعان ما شاع استخدام هذا المصطلح في الأعمال و التعليم و الثقافة الشعبية.
إن الذكاء العاطفي هو القدرة على التعرف على العواطف و فهمها في النفس و في الآخرين. كما يشمل هذا المفهوم القدرة على استخدام الفهم العاطفي لاتخاذ القرارات و حل المشكلات و التواصل مع الآخرين.
في الماضي, كان ينظر إلى أن هناك تعارض ما بين كل من العاطفة و الذكاء, و لكن في العقود الأخيرة ازداد اهتمام الباحثين في مجال علم النفس العاطفي بالإدراك و التأثير من خلال ما يسمى بالذكاء العاطفي.
ما مدى ذكائك العاطفي؟
و فقا لباحثين في هذا المجال, فإن للذكاء العاطفي أثر على تفاعل الموظفين مع زملائهم في مكان العمل, حيث يُعتقد أن لهذا النوع من الذكاء دور هام في إدارة ضغوط العمل, و نزاعات العمل, بالإضافة إلى الأداء العام للموظفين.
فالذكاء العاطفي له ارتباط بالرضا الوظيفي و الأداء الوظيفي العام, و لكن هذا النوع من الذكاء لا يقتصر فقط على المدراء التنفيذيين أو رؤساء العمل, و لكنه أيضا صفة هامة ينبغي توافرها في كل المستويات المهنية في عالم الأعمال.
فإذا ما كنت ترغب في تحقيق النجاح في مكان العمل و الارتقاء في السلم الوظيفي, فإن الذكاء العاطفي أمر بالغ الأهمية لنجاحك.
إن مهارة الذكاء العاطفي تعد قيمة تساعد على تحسين الاتصال و الإدارة و حل المشكلات و العلاقات داخل مكان العمل, و هي مهارة يمكن تحسينها من خلال التدريب و الممارسة.
كيف تصبح أكثر ذكاءً عاطفيا ً
قد تُكتسب المهارات العاطفية بشكل فطري لدى العديد من الناس, و لكنها أيضا قد تُكتسب و تُنمى من خلال التدريب و الممارسة لدى أشخاص آخرين.
غالباُ ما تعتمد العلاقات و قرارات العمل على الفهم الشخصي و العمل الجماعي و التواصل. و لتحسين مهارات الذكاء العاطفي لديك يمكنك اتباع الخطوات التالية:
1. الوعي الذاتي
إحدى الخطوات الأولى نحو استخدام مهارات الذكاء العاطفي في مكان العمل هي ممارسة التعرف على مشاعرك, إذ أن الوعي الذاتي يتضمن إدراك الجوانب المختلفة لنفسك, بما في ذلك مشاعرك و أحاسيسك و التي تعد إحدى المكونات الأساسية للذكاء العاطفي.
و من أجل التعرف على مشاعرك و فهم ما يسبب هذه المشاعر, عليك أن تكون واعياً لذاتك و ذلك من خلال ما يلي:
- الإنتباه إلى شعورك:
كيف تؤثر هذه العواطف على استجابتك؟ هل تؤثر الأشياء التي تشعر بها على القرارات التي تتخذها أو على طريقة تفاعلك مع الآخرين؟
ينبغي عليك أن تقضي وقتاً كافياً للتفكير في هذه الأسئلة حتى تصبح أكثر إدراكاً لمشاعرك.
- تقييم نقاط القوة و الضعف العاطفية:
إلى أي مدى تتواصل مع الآخرين؟ هل تجد نفسك تعاني من عدم القدرة على تمالك نفسك في أوقات الغضب أو أنك تعاني من الانزعاج من كثير من الأمور؟ ما هي الطرق التي ستمكنك من التعامل مع هذه المشاعر بفاعلية؟
إن التعرف على نقاط الضعف العاطفي لديك تمكنك من التعامل مع هذه العيوب بفاعلية.
- تذكر أن العواطف عابرة:
قد يزعجك زميلك في العمل أو قد يعطيك رئيسك في العمل مهمة محبطة, و لكن قبل أن تتفاعل مع هذه الأمور, تذكر أن هذه الأشياء مؤقتة.
لذا فإن اتخاذ قرارات متهورة بناءً على العواطف الشديدة يمكن أن تنعكس سلباً على أهدافك و نجاحك على المدى الطويل.
2- التنظيم الذاتي
يعدّ التنظيم الذاتي جزءً مهماً من الذكاء العاطفي, إذ أن إدراك عواطفك هي الخطوة الأولى و لكن عليك بعد ذلك أن تكون قادراً على إدارة و تنظيم هذه العواطف.
إن الأشخاص الذين يمتلكون مهارة التنظيم الذاتي قادرون على التكيف بشكل جيد مع المواقف المتغيرة. حيث أنهم ينتظرون الطرق المناسبة للتعبير عن عواطفهم بدلاً من التفاعل المتهور في الوقت الحالي.
إن التنظيم الذاتي يكمن في قدرتك على التفكير في كيفية تأثير تعبيراتك العاطفية, و لتحسين مهارات التنظيم الذاتي في مكان العمل يمكنك اتباع ما يلي:
- ابحث عن طرق للتخلص من ضغوط العمل, فمثلا يمكنك ممارسة هواياتك خارج مكان العمل أو ممارسة التمرين البدني أو غيرها من الأمور التي تحب القيام بها, فكل هذه الأمور تساعدك على التخلص من التوتر و ضغوط العمل.
- احتفظ بهدوئك و تقبل حقيقة أنك لا تستطيع التحكم في كل شيء, و لكن ابحث عن طرق مفيدة يمكنك من خلالها الاستجابة و التفاعل مع الآخرين بإيجابية.
- فكّر قبل اتخاذ القرارات, إذ يمكن للعواطف أن تربكك لحظة اتخاذ القرار, لكن إذا ما اعطيت لنفسك القليل من الوقت للنظر في جميع الاحتمالات لأصبحت قرارتك أكثر فاعلية.
3- المهارات الاجتماعية
هناك علاقة طردية بين كل من المهارات الاجتماعية القوية و الذكاء العاطفي, فأولئك الذين يمتلكون مهارات اجتماعية قوية قادرون على التعرف على عواطف الآخرين و من ثَم الاستجابة بشكل مناسب مع الموقف.
و تحظى المهارات الاجتماعية على تقدير كبير في مكان العمل لأنها تؤدي إلى تواصل أفضل و تماهي أكبر مع ثقافة الشركة.
يمكن للموظفين و القادة ذوي المهارات الاجتماعية الكبيرة بناء علاقة مع الزملاء و إيصال أفكارهم بفاعلية, فالأشخاص الذين يتمتعون بمهارات اجتماعية جيدة ليسوا فقط أعضاء فاعلين و رائعين في الفريق, و لكنهم قادرون أيضا على تولي أدوار قيادية عند الحاجة.
- استمع لما يقوله الآخرون
إن الاستماع الجيد للآخرين يظهر مدى اهتمامك بالآخر سواء كنت في منصب إداري أو عضو في الفريق, فالاستماع الجيد يظهر أنك متحمس لمشاريع العمل و على استعداد للعمل مع الآخرين للمساعدة على تحقيق أهداف المجموعة.
4- التعاطف
الأشخاص الأذكياء عاطفياً هم من يمتلكون القدرة على الدخول إلى مكامن الأشخاص و التعرف على عواطفهم و مشاعرهم و من ثم الاستجابة لهذه المشاعر.
في مكان العمل, يسمح لك التعاطف بفهم التفاعلات المختلفة بين الزملاء و المشرفين. كما يسمح لك بالتعرف على من يمتلك السلطة و كيف يؤثر على السلوكيات و المشاعر و التفاعلات التي تنبثق من هذه العلاقات.
- انظر إلى الأشياء من وجهة نظر الآخر
قد يكون الأمر صعباً في بعض الأحيان, خاصة إذا شعرت أن الشخص الآخر مخطئ, و لكن بدلا من ترك الخلافات تتحول إلى صراعات كبيرة, اقضِ بعض الوقت للنظر إلى المواقف من منظور آخر, إذ يمكن لهذا الأسلوب أن يكون خطوة أولى كبيرة نحو إيجاد أرضية مشتركة بين وجهتي نظر متعارضتين.
- انتبه إلى كيفية ردك على الآخر
هل تسمح بمشاركة أفكار الآخرين؟ هل تقر مساهماتهم, حتى لو كنت لا توافق على ذلك؟ فغالبا ما يساعد إخبار الآخرين بأن جهودهم محل تقدير على الشعور بمزيد من الاستعداد للتنازل.
5- الدافع
يعد الدافع الداخلي أحد أهم المكونات الرئيسية للذكاء العاطفي, فالأشخاص الذين يمتلكون دافعاً قوياً يكونون أكثر حماساً لتحقيق أهدافهم, فهم يريدون أن يفعلوا الأشياء لأنهم يجيدونها مرضية لهم و هم متحمسون للقيام بها.
- ركّز على ما تحب
بغض النظر عن شعورك تجاه وظيفتك, ربما ستكون هناك أشياء تحبها في الوظيفة و تتعلق بها و أشياء أخرى تكرهها. و من أجل بناء دافع قوي, حاول التركيز على جوانب عملك التي تستمتع بها حقاً.
ربما تحب الشعور بالإنجاز الذي تحصل عليه عند إكمال مشروع كبير, أو ربما تحب مساعدة عملائك على تحقيق تقدم نحو الأهداف. بغض النظر عن ماهيتها, حدد تلك المكونات في عملك و استلهم منها.